ليس من المتواتر فلا يطعن فى إيمانه عدم التصديق به والأصل فى جميع ذلك أن من أنكر شيئا وهو يعلم أن النبى حدث به أو قرره فقد طعن فى صدق الرسالة وكذب بها ويلحق به من أهمل العلم بما تواتر وعلم أنه من الدين بالضرورة وهو فى الكتاب وقليل من السنة فى العمل .
من اعتقد بالكتاب العزيز وبما فيه من الشرائع العملية وعسر عليه فهم أخبار الغيب على ما هى عليه فى ظاهر القول وذهب بعقله إلى تأويلها بحقائق يقوم له الدليل عليها مع الاعتقاد بحياة بعد الموت وثواب وعقاب على الأعمال والعقائد بحيث لا ينقص تأويله شيئا من قيمة الوعد والوعيد ولا ينقص شيئا من بناء الشريعة فى التكليف كان مؤمنا حقا وإن كان لا يصلح اتخاذه قدوة فى تأويله فإن الشرائع الإلهية قد نظر فيها إلى ما تبلغه طاقة العامة لا إلى ما تشتهيه عقول الخاصة والأصل فى ذلك أن الإيمان هو اليقين فى الاعتقاد بالله ورسله واليوم الآخر بلاقيد فى ذلك إلا احترام ما جاء به على ألسنة الرسل .
بقيت علينا مسألتان وضعتا من هذا العلم فى مكان من الاهتمام وما هما منه إلا حيث يكون غيرهما مما أجملنا القول فيه الأولى جواز رؤية الله تعالى فى الآخرة والأخرى جواز وقوع الكرامات وخوارق العادات من غير الأنبياء من الأولياء والصديقين .
أما الأولى فقد اشتد فيها النزاع ثم انتهى إلى وفاق بين المنزهين لا مجال معه للتنازع فإن القائلين بجواز الرؤية من أهل التنزيه متفقون على أن الرؤية لا تكون على المعهود من رؤية البصر المعروفة لنا فى مجرى العادة بل هى رؤية لا كيف فيها ولا تحديد ومثلها لا يكون إلا يبصر يختص الله به أهل الدار الآخرة أو تتغير فيه خاصته المعهودة فى الحياة الدنيا وهو مالا يمكننا معرفته وإن كنا نصدق بوقوعه متى صح الخبر والمنكرون لجوازها لم ينكروا انكشافا يساويها فسواء كان ذلك بالبصر الغير المعهود أو بحاسة أخرى فهو فى المعنى يرجع إلى قول خصومهم ولكن منى الإسلام بقوم يحبون الخلاف والله فوق ما يظنون .
وأما الثانية فأنكر جواز وقوع الكرامات أبو إسحاق الاسفراينى من