الدين والأخذ على أيديهم فيما تجاوزوا فيه وصاياه وحرفوا فى معناه ولم يكن بعد ذلك إلا قليل من الزمن حتى ظهرت طائفة منهم تدعو إلى الإصلاح والرجوع بالدين إلى سذاجته وجاءت فى إصلاحها بما لا يبعد عن الإسلام إلا قليلا بل ذهب بعض طوائف الإصلاح فى العقائد إلى ما يتفق مع عقيدة الإسلام إلا فى التصديق برسالة محمد ما هم عليه إنما هو دينه يختلف عنه إسما ولا يختلف معنى إلا فى صورة العبادة لا غير .
ثم أخذت أمم أوربا تفتك من أسرها وتصلح من شئونها حتى استقامت أمور دنياها على مثل ما دعا إليه الإسلام غافلة عن قائدها لاهية عن مرشدها وتقررت أصول المدنية الحاضرة التى تفاخر بها الأجيال المتأخرة ما سبقها من أهل الأزمان الغابرة هذا طل من وابله أصاب أرضا قابلة فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج جاء القوم ليبيدوا فاستفادوا وعادوا ليفيدوا ظن الرؤساء أن فى إهاجة شعوبهم شقاء ضغنهم وتقوية ركنهم فباءوا بوضوح شأنهم وضعضعة سلطانهم وما بيناه فى شأن الإسلام ويعرفه كل من تفقه فيه قد ظفر به كثير من أهل النظر فى بلاد الغرب فعرفوا له حقه واعترفوا أنه كان أكبر أساتذتهم فيما هم فيه اليوم وإلى الله عاقبة الأمور .
ايراد سهل الايراد .
يقول قائلون إذا كان الإسلام إنما جاء لدعوة المختلفين إلى الإتفاق وقال فى كتابه إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء فما بال الملة الإسلامية قد مزقتها المشارب وفرقت بين طوائفها المذاهب إذا كان الإسلام موحدا فما بال المسلمين عددوا إذا كان موليا وجه العبد وجهة الذي خلق السموات والأرض فما بال جمهورهم يولون وجوههم من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا يستطيع من دون الله خيرا ولا شرا وكادوا يعدون ذلك فصلا من فصول الوحيد إذا كان أول دين خاطب العقل ودعاه إلى النظر فى الأكوان