ممن يشاءون ملكا أو إمارة أو يخلقون في قلب من يشاءون الإيمان أو ينزعونه منه أو يشفون المريض أو يسلبون منه الصحة قد تساوى في ذلك جميع العباد فكلهم عاجزون ضعفاء لا يقدرون على شيء .
وكذلك ليس شرفهم ولا يمتازون عن الناس بأن الله سبحانه وتعالى مكنهم من علم الغيب وبسط لهم فيه فيطلعون على خواطر النفوس متى شاءوا ويطلعون على شؤون من غاب إذا شاءوا فيعرفون هل هو حي أم مات وفي أي مدينة هو وما تكتنفه من أحوال وما يتقلب فيه من نعيم أو بؤس ويعرفون ما هو كائن غدا فيعرفون أن فلانا سيرزق ولدا وفلانا لا يولد له وفلانا يربح في التجارة أو يخسر وهل يقدر لفلان الانتصار في الحرب أو سيلقى الهزيمة فقد تساوى في ذلك جميع العباد كبارهم وصغارهم هم عن ذلك في عمى إلا ما ينقل عن بعض العقلاء شيء من الحدس أو تقدير مصدره قرائن أو العقل السليم فينفق ذلك مع الواقع كذلك هؤلاء السادة والعظماء قد يحكمون على شيء بعقل أو قرينه فيتحقق في بعض الأحيان ويتخلف في بعض الأحيان أما ما كان عن طريق الوحي والإلهام فهو لا يقاس على ذلك ولا يتطرق إليه خطأ