فزع لذلك واستشعر الخشية وهيبة الله وجعل يسبح الله ويكثر من التسبيح والتنزيه وتغيرت وجوه الناس من الهيبة والدهشة وأوضح أن من يستشفع به على أحد يكون عادة أحط شأنا من الذي يشفع عنده وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فلا يستشفع به عند أحد وقد جرت العادة أن يستشفع عند من يملك الأمر ببعض خاصته وأهل المنزلة عنده فيحقق الرغبة ويعطي السؤل إرضاءا لهذا الشفيع وتشريفا لقدره والله هو الذي يملك زمام الأمور وغيره ضعيف عاجز مفتقر إلى الله فكيف يستشفع به على أحد من خلقه فجميع الأنبياء والأولياء إذا قيسوا بعظمة الله وجبروته كانوا أقل من ذرة وإن العرش الذي أحاط بالسماوات والأرضين كالقبة ليئط به أطيط الرحل بالراكب فليس في طاقة مخلوق أن يشرح عظمته أو أن يتخيلها فمن يجرؤ على أن يتدخل في مملكته وينفذ فيها أمره إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا يحتاج في ذلك إلى وزير أو مشير يصرف أمورا لا يأتي عليها الإحصاء ولا يبلغها الاستقصاء في أقل من طرفة عين فكيف يشفع عند غيره ومن يستبد بالأمور دونه .
يا للعجب إن محمدا A الذي شرفه الله تعالى على جميع خلقه