[ 36 ] كالسحور والبرود واما (الاستعمال) فلأن هذا المعنى مراد في صورة الاستعمال فيكون حقيقة فيه كقوله عليه السلام: (جعلت لي الارض مسجدا وطهورا) (1) ولو أراد الطاهر لم يثبت له مزية. وقوله عليه السلام (وقد سئل عن الوضوء بماء البحر؟ فقال: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) (2) ولو لم يرد كونه مطهرا لم يصلح جوابه، ولان فعولا للمبالغة ولا يتحقق هنا الا مع افادة التطهير، ولانهم يقولون ماء طهور، ولا يقولون ثوب طهور، فلابد من فائدة مختصة بالماء ولا تظهر الفائدة الا مع افادة التطهير واحتج الحنفي بأن فعولا تفيد المبالغة في فائدة فاعل، كما يقال: (ضروب) و (أكول) لزيادة الضرب والاكل ولا يفيد شيئا مغايرا له، وكون الماء مطهرا مغاير لمعنى الظاهر، فلا تتناوله المبالغة، ولانهم قد يستعملون فعولا فيما لا يفيد التطهير، كقوله سبحانه: (وسقيهم ربهم شرابا طهورا) (3) وكقول الشاعر: " عذاب الثنايا ريقهن طهور " والحق عندي ان وصف الطهور بالتعدي وصف معنوي لا لفظي، لان التعدي في الحقيقة المطهر وقد ألحقوا طهورا به الحاقا توقيفيا لا قياسيا، وليس طهورا من مطهر بمنزلة ضروب من ضارب، لانك تقول: هذا ضارب زيدا كما تقول ضروب زيدا، وتقول: الماء مطهر من الحدث ولا تقول: طهور من الحدث، فاذن الوجه الذي ذكره الحنفي صحيح بالنظر إلى القياس اللفظي، اما ان منع كون اللغة أو الشرع استعمله في التعدية وان لم يكن قياسا فغير صحيح، وللطهارة أركان: الاول في المياه مسألة: " الماء المطلق " في الاصل مطهر يرفع الحدث ويزيل الخبث، يزيد " بالمطلق " ما لا يجوز سلب الماء عنه، ولو أمكن اضافته إلى ما يلازمه ________________________________________ (1) صحيح البخاري ج 1 باب التيمم ص 91. 2) سنن البيهقي ج 1 كتاب الطهارة ص 3. 3) الانسان: 21. ________________________________________