[ 57 ] إباحة التقية ما لولاها لم يكن مباحا، وتسويغها ما لولاها لم يكن سائغا كفاية. وقد وضح بما بيناه أمن أحكام ظالميه ومحاربيه والباغين عليه أحكام أهل الارتداد، وهي الكفر الذي لم يتقدمه إيمان. ولو لم يشهد بذلك إلا شهادة الرسول صلى الله عليه وآله بأن حبهما واحد وبغضهما واحد (1)، ودعاؤه له بقوله: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (2). وإخباره أن حربه كحربه بقوله: " حرب حربي، وسلمك سلمي " (3). لكفى وأغنى عن غيره، فإن عدو الله ومبغض رسول الله صلى الله عليه وآله أو محاربه كافر إجماعا، وما أراد بالحرب إلا حكمه لا نفسه، وما يدعى لمحاربيه في تسوية محال، لكونه عدولا عن معلوم إلى مجهول أو مظنون، ولفقد إماراتها وأسبابها منهم، ولان جميع ما يعول عليه في ذلك ساقط، لكونه آحادا ومعارضا بما يناقضه. ولما لم تكن أحكامهم متفقة بل مختلفة، حسبما قررته الشيعة، لم يلزم حملهم ________________________________________ 1 - حيث قال صلى الله عليه وآله: " من أحب علينا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ". لاحظ الغدير 3 / 25، و 9 / 268. ونهج الحق ص 259 وبحار الانوار 7 / 221 39 / 275. 2 - بحار الانوار 37 / 108 - 253، والغدير 1 / 214. ونهج الحق ص 173. 3 - إحقاق الحق 4 / 258 والغدير 10 / 126 و 278 وأمالي الطوسي 1 / 374 وأمالي الصدوق - ره - المجلس 21 برقم 1. وعوالي اللئالي 4 / 87. أقول: إن ي هذا المضمار للشارح المعتزلي كلاما أحب أن أشير إليه حيث قال: لنفرض أن النبي - عليه السلام - ما نص عليه بالخلافة بعده، أليس يعلم معاوية وغيره من الصحابة أنه قال في ألف مقام: " أنا حرب لمن حاربت وسلم لمن سالمت... وحربك حربي وسلمك سلمي "... شرح النهج لابن أبي الحديد 18 / 24. ومناقب ابن المغازلي ص 50. ________________________________________