[ 17 ] العكس فيه، فلولا المخصص لم يكن لتقديم ما قدم وتأخير ما أخر وجه، ولان العالم بعله وغرضه به يخصه مع خلوه من السهو والغفلة، وكونه مخلا بينه وبين الارادة يجب كونه مريدا. وهذه حاله سبحانه، فهو مريد على الحقيقة، ولانه أمر بالطاعة ونهى عن المعصية، فلولا أنه مريد لما أمر به كاره لما نهى عنه، لم يتميز الامر ولا النهي من غيرهما، ولا كان لكونه آمرا وناهيا وجه، ويستحيل استحقاقهما لذاته وإلا لزم قدم المرادات واجتماع المتضادات للذات ولمعنى قديم، لانه لا قديم سواه، ولمعنى محدث حاله فيه، لاستحالة كونه محلا للحوادث وفي غيره، لوجوب رجوع حكمه إليه إن كان حيا واستحالته في الجماد، فلابد من وجودهما لا في محل. وما (1) لا يجوز عليه تعالى مما يجب نفيه عنه، فمنه ما لفظه ومعناه يفيد السلب، وهو نفي المائية (2) المحكية عن ضرار بن عمرو (3) لانه لا حكم يدل على ثبوتها ولا طريق إلى صحتها، والاصح إثبات الكيفية والكمية، وهو جهالة، ونفي الجسمية والجوهرية والعرضية، لما ثبت من قدمه وحدوث ذلك أجمع، فلولا استحالة كونه بصفة شئ منها لوجب حدوثه أو قدمها، لثبوت المشاركة في الحقيقة، ولانه فاعل ما فعل من ذلك اختراعا، فلو كان مثلها تعذر عليه إنشاؤها واختراعها، كما تعذر على غيره. ________________________________________ (1) في " ج ": ومما. 2 - ويحتمل أن يكون المقصود " الماهية " والمال واحد. 3 - هو صاحب مذهب الضرارية من فرق الجبرية، كان في بدء أمره تلميذا لواصل بن عطاء المعتزلي ثم خالفه في خلق الاعمال وانكار عذاب القبر. وذهب إلى أن لله تعالى ماهية لا يعرفها غيره يراها المؤمنون بحاسة سادسة. الفرق بين الفرق ص 214 تأليف عبد القاهر البغدادي. ________________________________________