[ 30 ] والحق أن شيخ الطائفة قد أوتي موهبة عظيمة وفائقة، فخدم الفقه الإسلامي بألوان الخدمة، فتارة كتب كتاب " النهاية " على طريقة " الفقه المنصوص " أو المسائل المتلقاة " كما كتب " المبسوط " على نهج الفقه التفريعي، وأثبت أن الشيعة مع نفيهم للقياس والاستحسان، قادرون على تفريع الفروع، وتكثير المسائل، وتبيين أحكامها من الكتاب والسنة مع التحفظ على أصولهم بالاجتهاد ثم ألف كتاب " الخلاف " على نمط الفقه المقارن، فأورد فيه آراء الفقهاء في عصره والعصور الماضية، وهو من أحسن الكتب وأنفسها، كما أنه ابتدع نوعا رابعا في التأليف، فأخرج أصول المسائل الفقهية بأبرع العبارات وأقصرها وأدرجها في فصول وعقود خاصة، أسماها " الجمل والعقود "، وقد أشار إليها في مقدمته إذ قال وانا مجيب إلى ما سال الشيخ الفاضل أدام الله بقاه من إملاء مختصر، يشتمل على ذكر كتب العبادات، وذكر عقود وأبواب وحصر جملها، وبيان أفعالها، وأقسامها إلى الأفعال والتروك وما يتنوع من الوجوب والندب، وأضبطها بالعدد، ليسهل على من يريد حفظها، ولا يصعب تناولها ويفزع إليه الحافظ عند تذكره، والطالب عند تدبره. فهذه الالوان الأربعة في كتب الشيخ يسد كل منها ناحية من النواحى الفقهية * * * السادس: الشيخ سعد الدين أبو القاسم عبد العزيز بن نحرير (1) بن عبد العزيز بن براج الطرابلسي، تلميذ السيد المرتضى، وزميل الشيخ الطوسي أو تلميذه المعروف بالقاضي تارة وبابن البراج أخرى، فقيه عصره وقاضي زمانه، وخليفة الشيخ في الشامات. وهو أحد الفقهاء الابطال في القرن الخامس بعد شيخيه: المرتضى والطوسي، ________________________________________ (1) نقل السيد بحر العلوم في فوائده ج 3 ص 61 إن في نسختين من نسخ إجازة العلامة لأبناء زهرة " بحر " مكان نحرير وجعله أصح لكون " بحر " أكثر في الأسماء من " نحرير " ________________________________________