[ 313 ] يتوجه العرض إلى الجمادات. وقيل: المراد تعظيم الامر في الامانة وتفخيمه، فإن السموات والارض لو كانتا مما يعرض عليها الامانة وعرضت لامتنعت من قبولها لعظيم المشقة فيها و حملها الانسان كما قال " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال " (1) والمراد لو أن قرآنا سيرت به الجبال لعظم محله وجلالة موقعه لكان هذا القرآن. وروى أصحابنا أن المراد بالامانة الولاية لمن أوجب الله علينا ولايته (2) وهذا داخل في الوجه الاول، لان التكليف قد اشتمل عليه ولا يجوز تخصيصه. مسألة: عن قوله تعالى: " وإذا الوحوش حشرت " (3) والحشر إنما يكون لمن يستحق الثواب والعقاب، والبهائم غير مكلفة، ثم لم اختصت بالحشر دون غيرها من الحيوان. الجواب: الحشر يكون لمستحق الثواب والعقاب وذلك يختص المكلفين. ويكون أيضا لكل حيوان له [ كذا ] على الالم الذي دخل عليها، فأن الله تعالى لابد أن يعوضه وإن لم يكن مستحقا لثواب أو عقاب. مسألة: عن قوله تعالى: " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله " (4) فقسمها قسمين وخصهما بوصفين والهبوط من الخشية لا يكون إلا من العقلاء المكلفين فما تأويل ذلك؟. الجواب: المراد بهذه الآية عظم قساوة قلوب الكفار وشدة عنادهم فشبه ذلك بالحجارة في صلابتها وانها مع صلابتها قد تلين في بعض الاحوال وتنشق فيخرج منها الماء بأمر الله تعالى، وقلوب الكفار لا تلين ولا ترجع عما هي عليه فصارت كأنها أصلب من الحجارة. وقوله: من خشية الله معناه أنها لا تمنع من فعل الله ولا يتعذر عليه الفعل فيها فكأنها خافته وخشيته فإن طاعت له (5) كما قال للسموات والارض " ائتيا ________________________________________ (1) - سورة الرعد، الآية: 31. (4) - سورة البقرة، الآية: 74 (2) - راجع نور الثقلين 4 / 309 - 314. (5) - كذا في النسختين، ولعل الصحيح: فانطاعت له. (3) - سورة التكوير، الآية: 5. ________________________________________