[ 15 ] أخرى بقيت إلى عصر الشيخ الطوسي، واستفاد هو منها كما ستقف عليه. ولاجل الوقوف على وضع " بغداد " في تلك الاعصار فان من اللازم الرجوع الى كتابين ألفا حين ذاك: أحدهما كتاب " الفهرست " لابن النديم. والاخر " تاريخ بغداد ". أما الفهرست فقد ألف في سنة 377 ه كما هو المنصوص عليه في مواضع منه. وقد كان مؤلفه " وراقا " مشتغلا ببيع الكتب واستكتابها للناس، وقد عمل فهرستا لكل ما وصل إليه من الكتب، وكان صديقا لكثير من العلماء وأئمة المذاهب المعاصرين له ولعشاق الكتب. والظاهر أن دكانه كان محل تردد العلماء والراغبين بالكتب، وملتقى أفئدتهم وأفكارهم أما " تاريخ بغداد " فهو للخطيب البغدادي المعاصر للشيخ الطوسي الذي أقام معه في بغداد، زمنا بعيدا وبعده إلى سنة 463 ه وكان يتردد على بغداد حتى توفي فيها في تلك السنة (17). وقد التقى بكثير من العلماء المعاصرين له، وقليل من العلماء الذين عاشوا ببغداد أو ترددوا عليها، ولم يذكر هم الخطيب في كتابه هذا الذي يحتوي على ترجمة 7831 شخصا بالتفصيل أو الايجاز ومع ذلك فلم يذكر الخطيب الشيخ الطوسي إمام الشيعة في عصره في قليل ولا كثير موقف الشيعة في بغداد هذا الذي مر معنا، انما يظهر لنا بغداد من الناحية العلمية بشكل كلي. وأما من ناحية الشيعة والتشيع فيها فلا بدو أن نشير إلى أنه من عصر الامام الصادق عليه السلام المتوفى عام 148 ه فما بعده قد دخلها أكثر الائمة من آل البيت عليهم السلام. ومن بينهم الامامان السابع والتاسع - أي الامام موسى بن جعفر الكاظم والامام محمد بن على الجواد عليهم السلام - وأقاما فيها برهة من الزمان ثم ماتا أو استشهدا بها ودفنا بمقابر قريش التي صارت فيما بعد بلدة مستقلة تسمى " الكاظمين " أو " الكاظمية ". وكذلك فان قسما كبيرا من علماء الشيعة ورجالهم كانوا يترددون على بغداد منذ تأسيسها، وبعضهم استوطنوا بها، ومنهم من كان على علاقة وارتباط بالخلفاء أو الوزراء فيها. ولا سيما في أيام " البرامكة ". فمن جملة الرجال المشهورين والعائلات المعروفة هشام ________________________________________ (17) - كان نزل الخطيب البغدادي في أواخر عمره بمحلة درب السلسلة قرب المدرسة النظامية وتوفي هناك عام 463 ه (أي بعد وفاة الطوسي بثلاث سنوات) وقد شيعه الشيخ أبو اسحاق الشيرازي أول شيخ للنظامية وحملوه إلى جامع المنصور في الطرف الغربي من بغداد فلاحظ دليل خارطة بغداد ص 319 ________________________________________