[ 13 ] تلك المنطقة كانوا من أهل السنة، ومن أتباع الشافعي ظاهرا، فإن نشأة الوزير نظام الملك (408 - 485 ه) في " نوقان " والامام الغزالي (450 - 505 ه) في " طابران " على مذهب الشافعي، وكذلك غير هما من العلماء تؤيد ذلك. ومن المتحمل أيضا أن أسرة الشيخ الطوسي كانت من شيعة آل البيت بطوس، لكنها كانت تحت ستار التقية وكانوا يظهرون الشافعية خوفا من الاسائة لهم كما حصل بالفعل " للفردوسي " بعد وفاته حيث رفضوا دفنه في مقابر المسلمين لكونه رافضيا. المرحلة الثانية من وروده بغداد حتى هجرته إلى النجف وضع بغداد آنذاك علميا ومذهبيا وسياسيا لمعرفة بغداد كما كانت حين ذاك، قد لا يكفي كتاب، إلا أننا نحتاج هنا إلى رسم صورة ولو مبهمة عن مكانتها السياسية والعلمية في تلك الايام: فنقول: لقد تم بناء بغداد على يد أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي الثاني، حيث جعلها مركز الخلافة رسميا عام 146 ه. (13) وبذلك صارت بغداد مركز الثقل السياسي للعالم الاسلامي الواسع من ذلك الوقت إلى آخر أيام العباسيين عام 654 ه فحكمت الاقاليم الاسلامية كلها. وكذلك أصبحت بغداد أكبر قاعدة علمية ثقافية في العالم، فكانت مجمع العلماء والخبراء في شتى العلوم والفنون. وقصدها العلماء وطلاب العلم من كل فج عميق، وتوطنوا بها حياتهم أو أقاموا فيها برهة من الزمان لاكتساب العلم وتعلمه، أو لنشره وتعليمه ثم ارتحلوا عنها. إن أكبر الفقهاء وأئمة المذاهب الاسلامية: مثل الامام ابي حنيفة (85 - 150 ه) والامام الشافعي (150 - 204 ه) والامام أحمد بن حنبل (164 - 241 ه) والامام داود الظاهري (202 - 270 ه) وكذلك كبار المحدثين ومن جملتهم مؤلفوا الصحاح ________________________________________ (13) - على رأي الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد ج 1 ص 66، جلس الخليفة المنصور على عرش الخلافة عام 136 ه، وفي عام 145 بدأ تخطيط بغداد وبنائها، وفي عام 146 تم بنائها؟؟ وانتقل بلاط الخلافة إليها، وتم الجدار الخارجي وساير عمليات البناء في أواسط عام 149. وقد رويت في ذلك روايات أخرى متفاوتة في ذلك بعض الشئ. ________________________________________