[ 12 ] لا يعد فخرا للشافعية، ولا نقصا للشيعة، بل الامر على عكس ذلك. على أن علماء السنة لم ينسبوا أحدا من كبار الشيعة الاخرين كالشيخ المفيد، والسيد المرتضى وأمثالهم إلى مذهب آخر، فما هو السبب إذا؟ في رأيي أن اعتدال الشيخ وإنصافه في الابحاث الكلامية، ونقله لآراء علماء المذاهب الاسلامية في كتاباته لاسيما في تفسير التبيان وكتاب " الخلاف "، وترويجه للفقه التفريعي وإشاعته طريقة " الاجتهاد " بين الشيعة على النحو المعمول به عند أهل السنة كما ستعرف واقتباسه عباراتهم وخصوصا من كتب الامام الشافعي ولا سيما في كتابه " المبسوط "، وايراده للروايات من طرقهم.، وتصميمه على جمع روايات الفريقين في كتابه " تهذيب الاحكام " في بدء العمل - وإن انصرف عنه فيما بعد - وأمثال هذه الامور لعلها كانت باعثة على صدور هذا الوهم من جانب العلماء الثلاثة المذكورين. أو أن الشيخ الطوسي اشتبه عليهم بشخص آخر منسوب إلى طوس، كما حصل ذلك بالفعل لصاحب " كشف الظنون " الذي اشتبه به مع الشيخ الطبرسي المتوفى عام 548 ه‍، أي بعد الطوسي بمدة 88 عاما. بل من المعلوم عدم إحاطة هؤلاء المذكورين معرفة كاملة بالشيخ الطوسي وكتاباته فالسبكي مثلا اكتفى بذكر تفسير القرآن و " الامالي " من كتبه الكثيرة، وأنه توفي بالكوفة (10). والكاتب الشلبي أيضا بدوره إرتكب تلك الاخطاء الواضحة (11) وكيف كان فلقد تحدث غيرهم من علماء السنة عن حياة الطوسي، ولم ينسبوا إليه ما نسبه هؤلاء الثلاثة. وبعض المعاصرين من أهل السنة عرفوه كما كان عليه في نفس الامر، وقالوا عنه: " كان عالما على المنهاجين الامامي والسني ". (12) ومن المتيقن لدينا أن عائلات كانت تعيش بطوس حين ذاك وإن وجود " الفردوسي " الشاعر لدليل واضح على ذلك. كما نعلم أيضا أن جمهور المواطنين والاهالي في ________________________________________ " العباسي " كان أولا من أهل السنة ثم تشيع وكان متضلعا بالحديث والاخبار وله فيها تآليف كثيرة، رجال النجاشي ص 270. (10) - اتفق وفاة الشيخ بالنجف دون الكوفة. ولعل السبكي أراد بالكوفة تلك المدينة وضواحيها فتعم النجف (11) - مثل ابن حجر في لسان الميزان ج 5، ص 135. وابن كثير وابن الجوزي في كتابيهما في التاريخ فلاحظ (12) - قاله الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه الامام الصادق، كما رواه عنه السيد محمد صادق آل بحر العلوم في مقدمته على رجال الشيخ الطوسي ص 27 ________________________________________