[ 96 ] علمنا أنهم أخلو بشرط من شرائطه، ومتى فرضنا أنهم لم يخلوا بشئ من ذلك فهم عالمون الا أنهم مكابرون. والنظر لا يولد الجهل، لانه لو ولده لقبح النظر كله، لان ما يؤدي إلى القبيح قبيح، وقد علمنا حسن كثير من الانظار. وانما قلنا يؤدي إلى ذلك لان الناظر لا يفصل بين النظر المؤدي إلى العلم وبين النظر المؤدي إلى الجهل، وكان ينبغي أن يقبح كله. والتقليد قبيح في العقل، لانه لو كان صحيحا لم يكن تقليد الموحد أولى من تقليد الملحد مع ارتفاع النظر. ولا يمكن أن يرجح قول الاكثر أو قول من يظهر الورع والزهد، لان جميع ذلك يتفق في المحق والمبطل، وقد استوفينا ذلك في أول الكتاب. وأيضا فلو حسن التقليد لقبح اظهار المعجزات على أيدي الانبياء، لانها كانت تكون عبثا، لان التقليد على هذا المذهب جائز من دونها. فان قيل: كيف يكلف الله المعرفة وهي تجري مجرى الحدس والتخمين لان الناظر لا يدري أن نظره يولد علما أو غيره وانما يعلم ذلك بعد حصول العلم. قيل له: إذا علمنا حسن النظر بل وجوبه علمنا أنه لا يثمر جهلا ولا قبيحا فيأمن من عاقبته أن تكون غير محمودة، ولو قدح ذلك في وجوب المعرفة لقدح في كل نظر، والمعلوم خلافه. وبمثله نجيب من قال: كيف يجب علينا مالا نعرفه ولا نميزه. بأن نقول: تميز السبب ومعرفته تغني عن تميز المسبب على التفصيل، والعاقل يميز النظر فكأنه ميز المعرفة. ووجه وجوب النظر خوف المضرة من تركه وتأميل زوالها بفعله، فيجب ________________________________________