[ 84 ] ولا يكون مستحقا ولا حاصلا على وجه المدافعة سواء كانت هذه الوجوه معلومة أو مظنونة. والذي يدل على أن الالم يحسن إذا كان فيه نفع يوفى عليه ما نعلمه ضرورة من حسن اخراج ما يملكه من المتاع والعقار بعوض إذا غلب في ظنونا أن النفع بالعوض اكثر منه، وانما حسن تفويت المنافع بما يخرجه لاجل النفع الذي يحصل بالعوض لا يختلف العقلاء في حسن ذلك. ووجه حسن هذا الالم هو علمه بماله فيه من النفع أو ظنه دون حصول النفع فيه، بدلالة أنه لو كان فيه نفع ولم يعلم أن فيه نفعا ولا ظنه لما حسن منه تحمل هذا الالم، وإذا علم ذلك أو ظنه حسن، فعلم أن وجه حسنه ما قلناه. ولا يلزم أن يكون الظلم حسنا لما فيه من العوض، لانا نعتبر أن يكون النفع موفيا عليه ويكون مقصودا، أو ما هو في مقابلة الظلم انما يفعله الله ويأخذه من الظالم على وجه الانتصاف لا يكون موفيا عليه بل بحسب الالم. وأيضا فالظالم لم يقصد نفع المظلوم، فلم يحصل القصد أيضا. وأيضا فالمعلوم ضرورة حسن تحمل ألم الاسفار طلبا للارباح وتحمل المشاق في طلب العلم لمكان حصول العلم، فعلم أن تحمل الالم يحسن للنفع. وأما الذي يدل على أن الالم يحسن لدفع ضرر أعظم منه ما نعلمه ضرورة من حسن عدونا على الشوك هربا من السبع أو النار أو خوفا من وقوع حائط وما أشبه ذلك، ويحسن منا شرب الدواء الكريه دفعا للامراض والخلاص منها، ويحسن الفصد وقطع الاعضاء خوفا من السراية إلى النفس. ووجه حسن جميع ذلك ظن دفع الضرر الموفي عليه، لان العلم باندفاع الضرر ليس يكاد يحصل في موضع، لكن إذا حصل الحسن مع الظن فمع العلم أولى وأحسن. ________________________________________