[ 75 ] فإذا ثبت وجوب انقطاع التكليف فليس الوقت وقت انقطاعه بزمان بعينه بل نوجبه على سبيل الجملة. ولا يمتنع أن يحسن الشئ أو يقبح على طريق الجملة. ولا يعلم عقلا انقطاع التكليف عن جميع المكلفين بل انما يعلم ذلك سمعا والاجماع حاصل على ذلك. وكان يجوز عقلا انقطاع التكليف عن بعضهم وبقاؤه على بعض، لكن الاجماع مانع منه. ومتى حصل انقطاع التكليف بفعل غير الله فقد حصل الغرض، ومتى لم يحصل فانه تعالى يزيله. ويجوز انقطاع التكليف بازالة العقل أو الموت أو الفناء، وأما فناء الجواهر فليس في العقل ما يدل على جوازه ولا على احالته، والمرجع في ذلك إلى السمع، فإذا علم بالسمع أنه تفنى الجواهر ثم علمنا أن الباقي لا ينتفي الا بضد يطرأ عليه علمنا ان الفناء (مغني يغنى)؟ الجواهر. وما يسأل على ذلك من الشبهات فقد بينا الجواب عنه في شرح الجمل. والطريق الذي به يعلم فناء الجواهر هو السمع، وقد أجمعوا على أن الله تعالى يفنى الاجسام والجواهر ويعيدها، فلا نعتد بخلاف من خالف فيه. ويدل عليه أيضا قوله " هو الاول والاخر " 1) فكما أنه كان أولا ولا شئ معه موجود فكذلك يجب أن يكون آخرا ولا شئ معه موجود. وقد استدل بغير ذلك من الايات عليها اعتراضات والمعتمد ما ذكرناه. وإذا ثبت أن الجواهر تفنى فالله تعالى يعيدها اجماعا. وأيضا فلو لم يعدها لما أمكن ايصال المستحق إليها من الثواب، وقد علمنا وجوب ذلك، فإذا لا بد من اعادتها. ________________________________________ 1) سورة الحديد: 3. ________________________________________