[ 67 ] وقال النظام: هو الروح، وهو الحياة الداخلة لهذه الجملة. وقال ابن الاخشيذ: هو جسم رقيق منساب في هذه الجملة. والذي يدل على صحة ما ذكرناه أولا ان الاحكام الراجعة إلى الحي تظهر في هذه الجملة من المدح والذم والنهي وغير ذلك. وأيضا فان الادراك يقع بأعضائها والتألم والتلذذ للادراك، ولو أنها هي الجهة لما وقع الادراك بأبعاضها. وأيضا الفعل المبتدأ يظهر في أطرافنا كحركة أيدينا وأرجلنا وغير ذلك، فلابد من اسناد ذلك إليها أو إلى ماله به تعلق معقول، فإذا أفسدنا جميع ما ادعي من وجوه التعلق لم يبق الا ما ذكرناه. ولا يجوز أن يكون الفاعل في هذه الجملة غيرها، لانه لو كان كذلك لاقتضى أن يخترع الافعال في هذه الجملة، لان القدرة قائمة بذلك الغير على هذا القول. وهذا باطل بما يعلم ضرورة من أن أحدنا إذا تعذر عليه حمل شئ باحدى يديه إذا استعان باليد الاخرى تأتى ذلك أو يسهل، ولا وجه لهذا الحكم المعلوم مع القول بالاختراع، وانما يصح ذلك على قول من يقول القدر في اليد اليمنى مقدار لا يتأتى بها حمل الثقيل، فإذا انضاف إليها القدر الذي في الشمال تأتي ذلك أو سهل، وان الفعل لا يصح الا باستعمال محل القدرة. وبمثل ذلك يبطل قول من قال انه جزء في القلب، لان اليدين على هذا القول ليسا بمحلين للقدرة اصلا، لانها تحل الجزء الذي في القلب. وأيضا فلو كان الفعل يفعل في هذه الجملة اختراعا لم يكن بعض الجملة بذلك أولى من بعض، وكان يجب أن يصح أن يفعل فيها كلها لفقد الاختصاص المعقول. ومما يدل أيضا على أن الفعال هذه الجملة أن الادراك يقع بكل عضو منها، فلو لم يكن في الاعضاء حياة لما أدرك بها كما لا يدرك بالشعر والظفر. ________________________________________