[ 66 ] الدواعي إلى نيله حاصل. ولا يلزم أن تكون البهائم مغراة بالقبح، لان ذلك معتبر فيمن يتصور العواقب وذلك منتف عن البهائم. وأما الفعل الذي يتناوله التكليف فلابد أن يصح ايجاده من المكلف على الوجه الذي كلفه، لان ذلك يمكن لا يحسن التكليف من دونه. ومن شروطه تقوية دواعيه بفعل اللطف مما لا ينافي التكليف، ولا بد أن يكون ما تناوله التكليف مما يستحق به المدح والثواب، لان وجه حسن التكليف إذا كان هو التعريض للثواب لم يجز أن يتناول الا ما يستحق به الثواب، وما يستحق به الثواب هو اما واجب أو ندب فلا يخرج التكليف عنهما. والمباح لا مدخل له في ذلك، لانه لا يستحق به مدح ولا ثواب، وانما حسن التكليف الندب من حيث كان الندب مستهلا للواجب ومقويا له، فلا يصح أن يقتصر بالمكلف على تكليفه، لانه تابع لا يستقل بنفسه. فأما الكلام في صفات المكلف فانه فرع على العلم من المكلف، لان الكلام في صفة الذات فرع على العلم بالذات. فإذا ثبت ذلك فالمكلف هو الحي، لان من ليس بحي لا يحسن تكليفه. ويسمى الحي " انسانا " وفي الملائكة والجن بأسماء أخر، والفلاسفة تسميه " نفسا ". والحي هو هذه الجملة المشاهدة دون أبعاضها، وبها يتعلق جميع الاحكام من الامر والنهي والمدح والذم. وقال معمر وأبناء نوبخت وشيخنا أبو عبد الله: الحي هو غير هذه الجملة وهو ذات ليس بجوهر ولا عرض ولا حال في هذه الجملة. وقال ابن الراوندي وهشام الفوطي: هو جوهر في القلب. وقال الاسواري: هو ما في القلب من الروح. ________________________________________