[ 61 ] ذلك فالقادر على الكفر قادر على الايمان والقادر على الطاعة قادر على المعصية وانما يختار أحدهما فان اختار الكفر فبسوء اختياره، ولو كان الكافر غير قادر 1) على الايمان لما حسن تكليفه بالايمان، لان تكليف ما لا يطاق قبيح وأجمعت الامة على أنه مكلف بالايمان. وانما قلنا ان تكليف ما لا يطاق قبيح، لانه مركوز في العقل قبح تكليف الاعمى نقط المصاحف والمقعد العدو والعاجز حمل الاجسام الثقال ونقلها والعلم بقبح ذلك ضروري لاجتماع العقلاء على ذلك، ولا علة لذلك الا أنه تكليف بما لا يطاق. ومن ارتكب حسن ذلك لم يحسن منا مكالمته، وانما ينبه على غلطه بضرب الامثال كما تضرب الامثال السوفسطائية واصحاب العنود الذين دفعوا العلم بالمشاهدات والضروريات، والا فالاحتياج لا يمكن معهم لان الاحتجاج انما يصح فيما يغمض ليرد إلى ما يتضح، فمن دفع الضروريات لا يمكن احتجاجه بالرد إلى ما هو أوضح منه، لانه لا شئ أوضح من الضروريات فمن دفعها سد الباب على نفسه. والمراد بقولنا " تكليف ما لا يطاق " هو كلما يتعذر معه الفعل سواء كان ذلك لعدم القدرة أو عدم الالة، فان الكل يتساوى في قبح التكليف وان اختلفت. فصل (في الكلام في التكليف وجمل من احكامه) التكليف عبارة عن ارادة المريد من غيره ما فيه كلفة ومشقة، ويقال في الامر بما فيه كلفة ومشقة انه تكليف من حيث كان الامر لا يكون امرا الا بارادة ________________________________________ 1) في ر " قادرا ". ________________________________________