[ 58 ] الظلم يحسن ذمه، ولا يحسن مدحه ولا ذمه على طوله وقصره وحسنه وقبحه، وانما كان كذلك لان الاول متعلق بنا والثاني غير متعلق بنا لا بشئ سواه. وأيضا فانه يحسن ان يأمر بعضنا بالقيام والقعود وينهاه عنه ولا يحسن أن يأمره. بالطول والقصر ولا ينهاه عنهما، وانما كان كذلك لان الاول مقدور له فحسن امره والثاني غير مقدور له فلم يحسن أمره به ولا نهيه عنه. فبان بجميع ذلك أن الواحد فاعل، والقرآن يؤكد ذلك، لانه قال " جزاءا بما كانوا يعملون " 1) و " جزاءا بما كانوا يكسبون " 2) و " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " 3) وقال " ومن يعمل سوءا يجز به " 4) و " من يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا " 5) وغير ذلك من الايات التي أضاف الفعل فيها الينا، [ فمن نفا الفعل عنا فقد خالف العقول والقرآن. ومتى قيل: اضافه الينا ] 6) من حيث كان كسبا لنا قلنا: ان الكسب ليس بمعقول، فلا يجوز له أن يعول عليه. على أن عندهم ان المتولد لا كسب للعبد فيه [ عندهم، والظلم لا كسب للعبد ] 6) فيه لانه متعد عن محل قدرته لانه يوجد في المظلوم، وعندهم انما تعدى محل القدرة عليه لا كسب للعبد فيه فكيف يمكنهم حمل الاية عليه. ومتى قالوا: ان الكسب الذي هو الظالم في الظلم كالقتل الذي ليس بمستحق عليه والضرب الذي ليس بمستحق عليه وانه في القاتل والضارب دون ________________________________________ 1) سورة الاحقاف: 14. 2) سورة التوبة: 82. 3) سورة الزلزلة: 7 8. 4) سورة النساء: 123. 5) سورة الفرقان: 19. 6) الزيادة ليست في ر. ________________________________________