[ 53 ] وكيف يشتبه الحال في ذلك ونحن نعلم أن سلطان الاسلام يكره من اليهودي الزمن المقعد الدخول إلى كنيسة ويريد منه الاسلام والدخول في المساجد ومع ذلك فانما يقع منه دخول الكنيسة دون المسجد، ولا عاقل يقول ان سلطان الاسلام ضعف بذلك. ثم يلزمهم أنه إذا وقع من الكافر خلاف ما أمر الله به أن يلحقه ضعف، لان الشاهد لا يفصل بين الموضعين. ولا خلاف أن الله أمر الكافر بالايمان، ومع هذا فلم يقع ذلك منه، فيجب على أصلهم أن يلحقه ضعف. فبأي شئ فصلوا بين الامرين فهو فصلنا في الارادة. وأيضا فالمعلوم ضرورة أن النبي عليه السلام أراد من الكفار كلهم الايمان ولم يلحقه باستمرارهم على الكفر وهن ولا ضعف ويلزمهم على ذلك أن يكون الله تعالى أمرهم بأن يضعفوه ويوهنوه من حيث أمرهم بما لا يريده منهم على قولهم، وذلك باطل بالاتفاق. وقولهم " لو فعل العبد ما كره الله تعالى لكان قد فعل ما أباه وذلك لا يجوز " باطل، لان الاباء ليس بكراهية، لان الاباء هو المنع والامتناع، ولهذا يتمدحون بأن يقولوا " فلا ن يأبى للضيم " أي يمتنع منه، ولا مدحه في أنه يكره الضيم لان الضعيف أيضا يكرهه. وتعلقهم بأن المسلمين قالوا " ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن " وذلك يمنع من أنه أراد الايمان من الكافر ولم يرد الكفر منه. غير صحيح لان هذا الاطلاق غير مسلم، لان جميع أهل العدل يمتنعون من اطلاقه. ثم ان المسلمين أيضا يقولون " لا مرد لامر الله ولا محيص منه "، وعلى قولهم الكافر قد رد أمر الله، ومتى منعوا من ذلك منعنا مثله وان تأولوا أولنا. ولو سلم ذلك لكان المعنى ما شاء الله من فعل نفسه كان وما لم يشأ من فعل ________________________________________