[ 50 ] وأيضا فهو تعالى قادر على تعذيب الكفار بلا خلاف وهو حسن، فإذا أسلم الكافر قبح عقابه ولم يخرج اسلامه اياه تعالى عن كونه قادرا، فبان بذلك أنه قادر على القبيح. فإذا ثبت ذلك فالذي يدل على أنه لا يفعله علمه بقبح القبائح وعلمه بأنه غني عنه، والعالم بقبح القبيح وبأنه غني عنه لا يجوز أن يختاره. ألا ترى أن من خير بين الصدق والكذب في باب الوصول إلى غرضه وهو عالم بقبح الكذب وحسن الصدق لا يجوز أن يختار الكذب على الصدق مع تساويهما في الغرض، ولا علة لذلك الا كونه عالما بقبح الكذب وبأنه غني عنه بالصدق فيجب أن يكون تعالى لا يفعل القبيح لثبوت الامرين. على أنه لو جازت عليه الحاجة لما جاز أن يفعل القبيح، لانه يقدر من جنسه من الحسن على ما لا يتناهى. ألا ترى أن المخير بين الصدق والكذب مع تساوي الغرض قد بينا أنه لا يختار الكذب مع جواز الحاجة إليه، لانه يستغني عنه بالحسن الذي هو الصدق. وكذلك القديم لا قبيح الا وهو يقدر من جنسه من الحسن على ما لا يتناهى، فلا يجوز أن يختاره مع علمه بقبحه. والقديم تعالى لا يريد القبائح على وجه، لانه لا يخلو أن يريده لنفسه أو بارادة قديمة أو محدثة، وقد بينا أنه ليس بمريد لنفسه ولا بارادة قديمة فبطل ذلك. ولو أراده بارادة محدثة لكان هو الفاعل لها، لانه لا يقدر أن يفعل ارادة لا في محل سواه. ولو كان هو الفاعل لها لكان فاعلا للقبيح، لان ارادة القبيح قبيحة، بدلالة أن من علمها ارادة القبيح علم قبحها ومن لم يعلمها كذلك لم يعلم قبحها، وذلك يؤدي إلى أن يكون فاعلا للقبيح، وقد دللنا على أنه لا يجوز أن يكون فاعلا للقبيح على حال. وأيضا فقد ثبت بلا خلاف أنه ناه عن القبيح، وقد بينا أن النهي لا يكون ________________________________________