[ 36 ] منه الكلام الذي هو هذا المعقول بحسب دواعيه وأحواله. والكلام المعقول ما انتظم من حرفين فصاعدا من هذه الحروف المعقولة التي هي ثمانية وعشرون حرفا إذا وقع ممن يصح منه أو من قبله للافادة. والدليل على ذلك أنه إذا وجدت هذه الحروف على هذا الوجه سمى كلاما، وإذا اختل واحد من الشروط لا يسمى بذلك، فعلمنا أنه حقيقة الكلام متى وقع ما سميناه كلاما [ بحسب دواعيه ] 1) واحواله سمي متكلما فعرفنا بذلك حقيقة المتكلم. وإذا ثبت حقيقة الكلام والمتكلم ثبت أن كلامه محدث، لان هذه الاضافة تقتضي ذلك. وليس لاحد أن يقول: لو لم يوصف تعالى فيما لم يزل بأنه متكلم يوصف بضده من الخرس والسكوت، وذلك أن الخرس انما هو فساد آلة الكلام [ والسكوت هو تسكين آلة الكلام ] 2)، والله تعالى ليس بمتكلم بآلة فلا يوصف بشئ من ذلك. ثم ذلك ينتقض بالصائح والصارخ، فانه لا يوصف بالخرس ولا بالسكوت ولا بالكلام، فبطل ما قالوه. وينبغي أن يوصف كلام الله [ بما سماه الله ] 3) تعالى به من كونه محدثا، قال الله تعالى " ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث الا استمعوه " 4)، والذكر هو القرآن بدلالة قوله " وأنزلنا اليك الذكر " 5) وقوله " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " 6) ________________________________________ 1) الزيادة ليست في ر. 2) الزيادة ليست في ر. 3) الزيادة من ر. 4) سورة الانبياء: 2. 5) سورة النحل: 44. 6) سورة الحجر: 9. ________________________________________