[ 33 ] فصل (في كيفية استحقاقه لهذه الصفات) يجب أن يكون تعالى قادرا في الازل، لانه لو تجدد كونه قادرا بعد أن لم يكن كذلك وجب أن يكون قادرا بقدرة، لان شرط صحة كونه قادرا عدم المقدور، وهو حاصل في الازل. ولو كان قادرا بقدرة وجب أن تكون تلك القدرة محدثة، لانها لو كانت قديمة لوجب كونه قادرا في الازل، ولو كانت محدثة لوجب أن يكون من فعله، إذ المحدث لا بد له من محدث، ولو كانت من فعله لوجب أن يكون قادرا قبل ايجادها، لان الفعل لا يصدر الا من قادر. وعلى هذا المذهب هو تعالى لا يكون قادرا الا بعد وجود القدرة، فيتعلق كونه قادرا بوجود القدرة ووجود القدرة بكونه قادر، فلا يصح واحد من الامرين. وذلك باطل، لانا علمنا خلاف ذلك. وإذا ثبت كونه قادرا في الازل وجب أن يكون قادرا لنفسه، لانه لا يمكن استناد ذلك إلى الفاعل والقدرة المحدثة، لان ما يتعلق بالفاعل من شرطه تقدم الفاعل عليه، وذلك لا يصح في الحاصل في الازل. والقدرة المحدثة لا توجب صفة في الازل، لان معلول العلة لا يتقدمها. ولا يجوز أن يكون قادرا بقدرة قديمة، لانه كان يجب أن تكون تلك القدرة مثلا له ومشاركة له في جميع صفاته، وهو تعالى مشارك للقدرة في جميع صفاتها لاشتراكهما في القدم الذي هو صفة النفس، والاشتراك في صفة النفس توجب التماثل، كما أن ما شارك السواد في كونه سوادا كان سوادا، ________________________________________