[ 31 ] ألا ترى أن قوله تعالى " واستفزز من استطعت منهم بصوتك " 1) وقوله تعالى " اعملوا ما شئتم " 2) بصورة الامر والمراد به التهديد، وقوله تعالى " فأتوا بسورة من مثله " 3) صورته صورة الامر والمراد به التحدي، وقوله تعالى " وإذا حللتم فاصطادوا " 4) المراد به الاباحة. ونظائر ذلك كثيرة جدا، فلا يمكن مع ذلك أن يكون آمرا لجنسه ولا لصيغته ولا لحدوثه، لان جميع ذلك يوجد فيما ليس بأمر، فلم يبق الا أنه يكون آمرا لارادة المأمور به. والكلام في النهي والخبر مثل ذلك. وأيضا فقد ثبت أنه تعالى خلق الخلق ولا بد أن يكون له فيه غرض، لانه ان لم يكن له فيه غرض كان عبثا، وذلك لا يجوز عليه. ولا يجوز أن يكون خلقهم لنفع نفسه، لان ذلك لا يجوز عليه، لانا سنبين استحالة المنافع عليه. فلم يبق الا أنه خلق الخلق لمنافعهم، ومعناه أنه أراد نفعهم بذلك، فثبت بذلك أنه مريد. ويجب أن يكون تعالى قديما موجودا في الازل، لانه لو كان محدثا لاحتاج إلى محدث، والكلام في محدثه كالكلام فيه، فكان يؤدي إلى محدثين ومحدثي المحدثين إلى ما لا نهاية له، وذلك فاسد. وأيضا فانه فاعل الاجسام والاعراض المخصوصة من الالوان والطعوم وغيرهما، والمحدث لا يصح منه فعل الجسم ولا هذه الاعراض المخصوصة، فوجب أن يكون من صحت فيه قديما. وانما كان كذلك لان المحدث لا يكون ________________________________________ 1) سورة الاسراء: 64. 2) سورة فصلت: 40 و 3) سورة البقرة: 23. 4) سورة المائدة: 2. ________________________________________