[ 23 ] ولا يجوز أن يكون انتقل عنه، لان الانتقال من صفات الجسم دون العرض، ولانه لو انتقل لم يخلو اما أن يكون انتقل مع جواز ألا ينتقل أو وجب انتقاله. ولو كان انتقاله جائزا لاحتاج إلى معنى كالجسم، وذلك يؤدي إلى اثبات معان لا نهاية لها، ولو وجب انتقاله لادى إلى وجوب انتقال الجسم، والمعلوم أن الجسم لا يجب انتقاله ان لم ينقله ناقل، فلم يبق من الاقسام الا أنه عدم. ولو كان قديما لما جاز عدمه، لانه قديم لنفسه، وصفات النفس لا يجوز خروج الموصوف عنها. ألا ترى أن السواد لا يجوز بياضا ولا الجوهر عرضا ولا الحركة اعتمادا وغير ذلك، لان هذه الاشياء على ما هي عليه لنفسها فلا يجوز عليها التغيير. فلما ثبت عدمها على أنها لم تكن قديمة، وإذا لم تكن قديمة وجب كونها محدثة. والذي يدل على الفصل الثالث - وهو أن الجسم لم يخل منها هو أنه معلوم ضرورة أن الاجسام للعالم لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو مفترقة أو متحركة أو ساكنة، فثبت بذلك أنها لا تخلو من الاجتماع والافتراق. ومن قال ان الاجسام كانت هيولى لا مجتمعة ولا مفترقة. ربما أشار بذلك إلى أنها كانت معدومة فسماها موجودة، كما يقولون موجود بالقوة وموجود في العلم، وذلك عندنا ليس بوجود في الحقيقة. ومتى أرادوا ذلك كان خلافا في العبارة لا يعتد به. وأما الفصل الرابع فالعلم به ضرورة، لان من المعلوم ان كل ذاتين وجدا معا ولم تسبق احداهما الاخرى، فان حكمهما حكم واحد [ في الوجود ] 1) ألا ترى انا إذا فرضنا ميلاد زيد وعمرو في وقت واحد فلا يجوز مع ذلك أن يكون أحدهما أسبق من الاخر لان ذلك متناقض، وكذلك إذا فرضنا أن الجسم ________________________________________ 1) الزيادة من ر. ________________________________________