[ 94 ] فإن كان في الظاهر، قال قوم القول قول الجاني إلا أن يقيم عليه البينة، وإن كان من الباطن فالقول قول المجني عليه، لأنه مغيب عن أبصار الناس ولا يجوز كشفه لهم. فالتفريع على هذه الطريقة أن نقول: هذا إذا لم يسلم الجاني أن هذا العضو الظاهر كان سليما في الأصل، فالقول قوله على ما قلناه، فأما إن سلم الجاني أن هذا العضو الظاهر كان صحيحا في الأصل لكنه كان أشل حين القطع، فعلى هذا قال قوم القول قول المجني عليه، وهو الصحيح عندنا وعندهم، لأنه سلم الجاني سلامة العضو وادعى حدوث الشلل فيما بعد فعليه البينة، وقال آخرون القول قول الجاني أيضا. فأما إن منع الجاني من سلامة العضو وهي المسألة الأولى، فقد قلنا القول قول الجاني إلا أن يقيم المجني عليه البينة، فإن أقام البينة فأي بينة تقبل منه؟ فمن قال القول قول الجاني مع تسليم السلامة لم يقبل من المجني عليه البينة، حتى يشهد بأن العضو كان سليما حين الجناية، لأن الجاني قد سلم السلامة في الأصل، وإنما يدعى الشلل حين الجناية، فلا فائدة في البينة حتى يشهد بالسلامة حين الجناية. ومن قال القول قول المجني عليه، إذا سلم الجاني سلامة العضو فالمجني عليه هيهنا بالخيار بين أن يقيم البينة على السلامة حين القطع أو على سلامته في أصل الخلقة لأنه متى ثبت سلامته سقط قول الجاني، فإنا إنما جعلنا القول قوله إذا منع السلامة فمتى ثبت السلامة بطل أن يكون القول قوله. فينظر في البينة التي أقامها المجني عليه، فإن أقامها على السلامة حين الجناية فلا حاجة إلى يمينه مع بينته وإن أقامها على السلامة في أصل الخلقة فعليه أن يحلف أنه لم يزل سليما إلى حين القطع، لجواز أن تكون الشلل حدث بعد ذلك فلا يقطع. وفي الناس من قال القول قول الجاني في الظاهرة والباطنة، وفيهم من قال القول ________________________________________