[ 7 ] بعد وفاة الشيخ الصدوق أحد أكبر محدثي الشيعة بأربع سنين... فرضع من ثدي الإيمان الصادق، والولاية المخلصة الحقة، وتربى تربية سالمة من شوائب الادران، فجعلت منه أمة في وضعه وسيرته، أمة في أخلاقه وأفعاله، وبالتالي أمة عظمي في فكره وقلمه. فكان شعلة وهاجة لا تنطفئ في جولان من الخواطر، يبرمج ويخطط لمستقبله الزاهر الذي ينتظره. فدرس أولا في مدارس خراسان، وقطع بذلك أشواطا عالية من العلم والمعرفة، ولما لم يجد ما يطفي غليل ظمأه، شد الرحال إلى بغداد - عاصمة العلم آنذاك - في عام 408 هجرية بعد وفاة السيد الرضي بسنتين، للاغتراف من نمير علمائها، والارتشاف من مناهل غدرانها، وهو ابن ثلاثة وعشرين عاما، وذلك أبان زعامة ومرجعية شيخ الفرقة الحقة آنذاك (محمد بن محمد بن النعمان) المشتهر بالشيخ المفيد، عطر الله رمسه، ونور الله ضريحه. فلازم الشيخ المفيد ملازمة الظل للاستزادة من عبيق يمه الصافي، والغور في بحر علومه. كما وأدرك شيخه الحسين بن عبيد الله بن الغضائري المتوفى عام 411 هجرية. وتتلمذ على أبي الحسين، علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد القمي الذي يروي عنه النجاشي. وفي عام 413 هجرية التحق الشيخ المفيد بالرفيق الأعلى، وانتقلت زعامة الطائفة إلى السيد الشريف المرتضى، فانضوى الطوسي تحت لوائه، واهتم السيد به غاية الاهتمام، وبالغ في إجلاله وتقديره والترحيب به، وكان يدر عليه من المعاش في كل شهر اثني عشر دينارا، فلم يكد ليغيب يوما واحدا عن درس أستاذه الأعظم، همه الاستماع لآرائه وأفكاره، والتدقيق في معانيها ونقضها وإبرامها. ________________________________________