[ 6 ] وظهر - بذلك - على مسرح الأحداث أعلام اشير لهم بالبنان، فأهاب بهم التاريخ، وعنت لهم عروش الجبابرة، وطأطأ لهم طواغيت العصر. فأذعن لفضلهم وعلمهم القاصي والداني، فتلألأت أنوارهم الوهاجة، فأضاؤا ما حولهم، وامتازوا عن أقرانهم بمواهب خلاقة، وخصال حميدة، وسجايا طيبة رشيدة، فأسسوا بذلك مجدهم المؤثل، وآراءهم الخالدة، على مر الدهور وكر العصور (1). وممن نحا هذا المنحى، وسار على الطريقة المثلى، وشق طريقه المملوء بالأشواك والعراقيل لإرساء القواعد الصلدة، وبذر اللبنة الصالحة، هو: " شيخ الطائفة الحقة الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ". فالطوسي كما يعرفه كل من له أيسر إلمام بالثقافة الاسلامية، علم خفاق في عالم الفكر الاسلامي، وشخصية فريدة من نوعها في تاريخ الاسلام. فهو كالطود الشامخ في آثاره، واليم الخضم المتلاطم الأمواج في أفكاره وآرائه، وهو بحق قطب رحى الدين، وأحد أكبر دعائم الاسلام، عماد الشيعة، ورافع أعلام الشريعة. فالثقافة الاسلامية بكل فروعها مدينة لجهود هذا الرجل العظيم، الذي نذر حياته لخدمة الاسلام، وأدى إلى الفكر الاسلامي خدمة منقطعة النظير. ولادته: ولد الشيخ الطوسي في طوس خراسان، في شهر رمضان عام 385 هجرية، ________________________________________ (1) راجع كتابي الذريعة إلى تصانيف الشيعة، وطبقات أعلام الشيعة للبحاثة الكبير والمتتبع الشهير الشيخ آقا بزرك الطهراني، وأعيان الشيعة لآية الله السيد محسن الأمين العاملي، وتأسيس الشيعة لعلوم الاسلام لآية الله السيد حسن الصدر. ________________________________________