[9] حكم الأضحيّة في العصر الحاضر تمهيد حينما تشرّفت بزيارة بيت الله الحرام لأوّل مرّة، ذهبت الى منى لأُشاهد عن قرب عمليّة نحر الأضاحي في المسلخ يوم العيد، فاذاً بي اُواجه مشهداً عجيباً،... الآلاف المؤلّفة من أشلاء الأنعام من الشياه والبقر والإبل قد غطّت أرض المسلخ بحيث كان من الصّعب اختراقها والعبور من خلالها، في حين كانت شمس الحجاز الحارقة تلهب بحرارتها وجه البسيطة، فيسرع العفن في ذلك الركام الهائل من الاضاحي، دون أن يستفيد منها أحد من النّاس لا سيّما المساكين. وبادرت الحكومة السعودية ـ من أجل أن تمنع انتشار الأوبئة بين الحجيج بسبب تعفّن الأضاحي بعد نحرها ـ إلى دفنها رغم ما يتعرض هذا العمل من صعوبات. وبعد أن اطّلعت على هذا الوضع سعيت بدوري للحصول على شاة صحيحة تتوفّر فيها المواصفات المطلوبة لهديها، فتمّ لي ذلك، وقدّمتها لبعض المساكين هناك، ولعلّهم أيضاً اكتفوا ببعض منها وتركوا الباقي. كما لاحظت وجود عدد من الفقراء المعوزين الذين كانوا ينقلون أجزاءً من الأضاحي خارج المسلخ، ولكن لاتتجاوز نسبة ما يقتطعونه من الأضاحي في أحسن الأحوال عشرة بالمئة، فيتلف الباقي بالدفن أو الحرق! وكما قلنا فانّ عملية الإتلاف لاتتمّ بسهولة، ولهذا قد تُنجز بشكل ناقص فيوجب تلوّث بيئة منى وتعفّنه يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة لاسيّما المناطق القريبة من المسلخ.