[25] والظاهر أنّ هذا الارتكاز لا يفرق بين حالتي الاختيار والاضطرار، وهذا الارتكاز وإن لم يكن ممّا ينبغي أن يعتمد عليه في الجزم بالحكم الشرعي، إلاّ أنّه يمنع عن الركون إلى خلاف ما يقتضيه في استنباط الحكم الشرعي. قلنا: هذا أشبه شيء بالاستحسان الظنّي، ولا يمكن الركون اليه كما اعترف به صاحب هذا المقال، وإذا لم يكن ممّا يمكن الركون إليه، فلماذا يمنع عن الركون إلى خلاف ما يقتضيه؟! هذا ـ مضافاً إلى أنّ الذي لا يجوز الإتيان به من المناسك في غير هذه القطعة من الأرض أمور خاصّة كالوقوف بعرفات، ومنى، ومشعر، والطواف، والسعي، ممّا يكون قوامه بالمحلّ الخاص، ولكن غير واحد من المناسك قد يؤتي بها في غير هذه القطعة كركعتي الطواف، فقد أفتى فقهاؤنا ـ رضوان الله عليهم ـ بأنّه إذا نسيها ولم يأت بها وخرج من مكّة ولم يمكنه الرجوع إليها يأتي بهما في الطريق، وإذا تذكّر بعد الرجوع إلى وطنه يأتي بهما في وطنه، وقد صرّحت بذلك روايات الباب أيضاً: منها: ما رواه ابو بصير ـ يعني المرادي ـ قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن رجل نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام، وقد قال الله تعالى:(واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى)حتّى ارتحل، قال: «إن كان ارتحل فإنّي لا أشقّ عليه، ولا آمره أن يرجع ولكن يصلّي حيث يذكر»(1). ومثله ما رواه ابو الصباح الكناني(2) عن أبي عبدالله (عليه السلام) . ومنها: ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل : الباب 74 من أبواب الطواف، ح 10. (2) الوسائل : الباب 74 من أبواب الطواف، ح 16.