[17] ويعلم بعدم إطعام المساكين منها، بل تحرق أو تدفن، خصوصاً بعد ملاحظة ما مرّ من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم فأطعموهم»(1) فالرسول الذي ينطق بمثل هذا البيان كيف يأمر اُمّته بإهراق دماء الأضاحي ولو لم يترتب عليه الإشباع والإطعام. وبما ذكرنا يظهر الجواب عن التمسك بروايات تعبّر عن الهدي بالدّم، فإنّ «الدّم» أو «إهراق الدّم» (نظير ماورد في قوله (صلى الله عليه وآله): «ما أنفق الناس نفقة أعظم من دم يهراق في هذا اليوم»(2) وقول الصادق(عليه السلام) في رجلين اقتتلا وهما محرمان: «على كلّ واحد منهما دم»)(3) كناية عن الهدي وعظمته، لا على عظمة إراقة الدّم ولو بلغ ما بلغ، فإنّه نظير ما إذا قلنا في محاورتنا اليومية لمن نجا ولده من خطر السقوط والموت مثلا، أو نجا هو وأهل بيته من حادثة سيّارة في الطريق: «عليه إهراق الدم»، فمن الواضح أنّه كناية عن إطعام المساكين من لحمها في سبيل الله، لا مجرّد إهراق الدّم مطلقاً وإن لم يصرف من لحمها في سبيل الله. قياس الهدي بالطواف والسعي إن قيل: هل وجدتم في لسان الروايات مورداً أمر الشارع فيه بإيقاع الهدي خارج منى؟ أليس هذا من قبيل الإتيان بالطواف أو السعي في غير مكّة؟ قلنا: توجد موارد عديدة في روايات الباب توجب إيقاع الهدي خارج منى، فليس الهدي كالطواف والسعي القائمين بمكان معيّن : ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل : الباب 60 من أبواب الذبح، حديث 4 و 10. (2) جامع أحاديث الشيعة : ج 12، ص 31. (3) الوسائل: أبواب بقية كفارات الإحرام، الباب 17، حديث 1.