(30) حسن، وقد ذكره أبو علي الفارسي (42) في كتاب الحجة في القراءات، واقتصر عليه دون ما سواه (43) ، ولو كان للجر بالمجاورة فيه وجه لذكره. فإن قيل: ما أنكرتم أن تكون القراءة بالجر موجبة للمسح، إلا أنه متعلق بالخفين لا بالرجلين (44)، وأن تكون القراءة بالنصب موجبة للغسل المتعلق بالرجلين بأعيانهما، فتكون الآية بالقراءتين مفيدة لكلا الآمرين؟ قلنا: أنكرنا ذلك لانه انصراف عن ظاهر القرآن والتلاوة إلى التجوز والاستعارة من غير أن تدعو إليه ضرورة ولا أوجبته دلالة، ذلك خطأ لا محالة،والظاهر يتضمن ذكر الارجل بأعيانها، فوجب أن يكون المسح متعلقاً (45) بها دون ____________ (42) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، الفارسي الاصل، أحد الائمة في علوم العربية، وله فيها تصانيف قيمة، ولد في " فسا " من أعمال فارس، وتجول في كثير من البلدان وعاد إلى فارس ومنها إلى بغداد فتوفي بها في سنة 377هـ. اُنظر: سير أعلام النبلاء 379:16، تأريخ بغداد 275:7، وفيات الاعيان 80:2، معجم الادباء 232:7. (43) قال قطرب: يجوز أن تكون " وحور عين " معطوفة على الاكواب والاباريق، فجعل الحور يطاف بهن عليهم، لان لاهل الجنة لذة في التطواف عليهم بالحور. وقال النحاس: الخفض يحمل على المعنى بالعطف على أكواب، لان المعنى ينعمون بهذه الاشياء وينعمون بحور عين، وهذا جائز في العربية كثير. كما وافق أبا علي الفارسي كثير من العلماء فيما ذهب إليه، فضلاً عن أنهم ذهبوا مذاهب شتى في التأويل بعيداً عن العطف بالجوار. اُنظر: الكشف عن وجوه القراءات 304:2، معاني القرآن ـ للفراء ـ 123:3، مغني اللبيب 895:2، خزانة الادب 95:5، حجة القراءات:695، الجامع لاحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 204:17. (44) قال به الشافعي وبعض علماء الجمهور، والقائلين به يعولون على الخبر، لكن الرجوع إلى القرآن أولى من التعويل على الخبر الواحد سيما في هذه الآية، لوجهين: أولهما: أجمع المفسرون على أن هذه الايات لا نسخ فيها، فامتنع أن يكون المسح على الرجلين منسوخاً بالمسح على الخفين. ثانيهما: إذا افترضنا تقدم خبر" المسح على الخفين " على النزول فإنه منسوخ بالقرآن بالمسح على الرجلين كما تبين، والاخبار المروية في المسح على الخفين مؤولة بالمسح على النعل العربي لانه لا يحول دون مس ظاهر القدم، أو أنها قبل النزول، وقد روي عن ابن عباس قوله: المسح على الخفين منسوخ بسورة المائدة. اُنظر: الجامع لاحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 93:6، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 163:11، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 27:2. (45) في الاصل: منغلقاً.