(26) فقد تبين أن لكل واحد من الفعلين كيفية يتميز بها عن الآخر، ولولا ذلك لكان من غسل رأسه فقد أتى على مسحه، ومن اغتسل للجمعة فقد اتى على وضوئه، هذا مع إجماع إهل اللغة والشرع على أن المسح لا يسمى غسلاً، والغسل لا يسمى مسحاً(24). فان قيل: لم زعمتم ذلك وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى قوله سبحانه: ( فطفق مسحاً بالسوق والاعناق ) (25) أنه غسل سوقها وأعناقها، فسمي الغسل مسحاً. قلنا: ليس هذا مجمعاً عليه في تفسير هذه الآية؛ وقد ذهب قوم إلى أنه أراد المسح بعينه(26) ، وقال أبو عبيدة (27) والفراء (28) وغيرهما: أنه أراد بالمسح الضرب (29). وبعد: فإن من قال : إنه أراد بالمسح الغسل، لا يخالف في أن تسمية الغسل لا ____________ (24) المسح: مروراليد على الممسوح، والغسل: سيلان الماء على المغسول ولو قليلاً. ولو جاز أن يطلق المسح على الغسل مجازاً، كما قالوا: تمسحت للصلاة، وكقول أبي زيد: المسح خفيف الغسل، لو جاز ذلك لما جاز شرعاً، لان الشرع فرق بين الغسل والمسح، ولذلك قالوا: بعض أعضاء الطهارة مغسولة وبعضها ممسوحة: وفلان يرى غسل الرجلين وفلان يرى مسحهما. التعريفات ـ للجرجاني ـ:93، مفردات ألفاظ القرآن ـ للاصفهاني ـ:360، التبيان ـ للطوسي ـ 454:3. أحكام القرآن ـ لابن العربي ـ 567:2 و 562:2، تفسير الطبري 83:6. (25) سورة ص 33:38. (26) كابن عباس والزهري وابن كيسان وابن جرير الطبري وعلي بن أبي طلحة والنحاس ومجاهد والقاضي أبي يعلى . تفسير الطبري 100:23، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 37:4، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 206:26، الجامع لاحكام القرآن ‎ـ للقرطبي ـ 195:15، أحكام القرآن ـ للجصاص ـ 382:3، تفسير البيضاوي 312:2، إعراب القرآن ـ للنحاس ـ 463:3، زاد المسير 131:7، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ 475:4، لسان العرب 595:2. (27) معمر بن المثنى، التيمي بالولاء، البصري، أبو عبيدة، من أئمة العلم والادب واللغة، مولده، ووفاته بالبصرة، توفي في سنة 209هـ. وفيات الاعيان 235:5، ميزان الاعتدال 155:4، تأريخ بغداد 252:13. (28) يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بني أسد، إمام الكوفيين وأعلمهم بالنحو والفقه وفنون الادب، توفي في سنة 207هـ. وفيات الاعيان 176:6، تهذيب التهذيب 186:11، سير أعلام النبلاء 118:10، تأريخ بغداد 149:14. (29) ويضاف لما ذكره المصنف ـ قدس سره ـ: قتاده والزجاج وابن الاثير والسدي والحسن البصري ومقاتل والخليل =