(24) التجوز من غير ضرورة تلجئ إلى ذلك، وفيه إيقاع اللبس، وربما صرف المعنى عن مراد القائل. ألا ترى أن رئيسأ لو أقبل على صاحب له فقال له: أكرم زيدأ وعمرأ، واضرب خالدأ وبكرأ، لكان الواجب على الصاحب أن يميز بين الجملتين من الكلام، ويعلم انه ابتدا في كل واحدة منهما ابتداءً عطف باقي الجملة عليه دون غيره، وان بكراً في الجملة الثانية معطوف على خالد، كما أن عمراً في الجملة الاولى معطوف على زيد، ولو ذهب هذا المأمور إلى أن بكراً معطوف على عمرو لكان قد انصرف عن الحقيقة ومفهوم الكلام في ظاهره، وتعسف تعسفاً صرف به الامر عن مراد الامر به، فاًداه ذلك إلى ‎إكرام من امر بضربه. ووجه آخر: وهو ان القراءة بنصب الارجل غير موجبة ان تكون معطوفة على الايدي، بل تكون معطوفة على الرؤوس في المعنى دون اللفظ‎‎؛ لان موضع الرؤوس نصب بوقوع الفعل الذي هو المسح، وإنما انجرّت بعارض وهو الباء. والعطف على الموضع دون اللفظ جائز مستعمل في لغة العرب (21)، الا تراهم يقولون: مررت بزيد وعمراً، ولست بقائم ولا قاعداً؛ قال الشاعر: معاوي ‎إننا بشر فاًسجِح (22) * فلسنا بالجبال ولا الحديدا(23) ____________ (21) من ذلك قول تأبط شراً ـ وهو من شواهد سيبويه ـ: هل أنت باعث دينارٍ لحاجتنا * أو عبد رب أخا عون بن مخراق فعطف "عبد " على محل "دينار" وكان حقه الجر، ألا أنه نصبه عطفاً على الموضع، لان التقدير "باعث ديناراً" ومثله كثير. الكتاب 67:1،171، خزانة الادب 8 : 215، الحجة للقرّاء السبعة215:3، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي 161:11، كنز العرفان 12:1. (22) أسجح، أرفق."الصحاح ـ سجح ـ 372:1". (23) البيت لعقبة بن الحارث الاسدي، وهو من شواهد سيبويه، احتج به في نسق الاسم المنصوب على المخفوض، وتبعه في ذلك الزجاج، والبيت الذي يليه: أديروها بنو حرب عليكم * ولا ترموا بها الغرض البعيدا =