@ 426 @ .
أي المسمع ؟ .
فالجواب : إنا لا نسلم أن فعيلاً يأتي بمعنى مفعل ، وقد يؤوّل : أليم وسميع ، على غير مفعل ، ولئن سلمنا ذلك فهو من الندور والشذوذ والقلة بحيث لا ينقاس ، وأما فعيل المحوّل من فاعل للمبالغة فهو منقاس كثير جداً ، خارج عن الحصر : كعليم وسميع قدير وخبير وحفيظ ، في ألفاظ لا تحصى ، وأيضاً فإن العربي القح الباقي على سليقته لم يفهم من حكيم إلاَّ أنه محوّل للمبالغة من حاكم ، ألا ترى أنه لما سمع قارئاً يقرأ { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ * غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أنكد أن تكون فاصلة هذا التركيب السابق : والله غفور رحيم فقيل له التلاوة : { وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } فقال : هكذا يكون عز فحكم ، ففهم من حكم أنه محول للمبالغة من حالكم ، وفهم هذا العربي حجة قاطعة بما قلناه ، وهذا تخريج سهل سائغ جداً ، يزيل تلك التكلفات والتركيبات المعقدة التي ينزه كتاب الله عنها . .
وأما على قراءة ابن عباس فكذلك نقول ، ولا نجعل : أن الدين معمولاً : لشهد ، كما فهموا ، وأن : أنه لا إله إلاَّ هو ، اعتراض ، وأنه بين المعطوف والحال وبين : أن الدين ، اعتراض آخر ، أو اعتراضان ، بل نقول : معمول : شهد ، إنه بالكسر على تخريج من خرج أن شهد ، لما كان بمعنى القول كسر ما بعدها إجراءً لها مجرى القول ، أو نقول : إنه معمولها ، وعلقت ولم تدخل اللام في الخبر لأنه منفي بخلاف أن لو كان مثبتاً ، فإنك تقول : شهدت إن زيداً لمنطلق ، فيعلق بأن مع وجود اللام لأنه لو لم تكن اللام لفتحت أن فقلت : شهدت أن زيداً منطلق ، فمن قرأ بفتح : أنه ، فإنه لم ينو التعليق ، ومن كسر فإنه نوى التعليق . ولم تدخل اللام في الخبر لأنه منفي كما ذكرنا . .
والإسلام : هنا الإيمان والطاعات ، قاله أبو العالية ، وعليه جمهور المتكلمين ، وعبر عنه قتادة ، ومحمد بن جعفر بن الزبير بالإيمان ومرادهما أنه مع الأعمال . وقرأ عبد الله : إن الدين عند الله الحنيفية . .
قال ابن الإنباري : ولا يخفي على ذي تمييز أن هذا كلام من النبي صلى الله عليه وسلم ) على جهة التفسير ، أدخله بعض من ينقل الحديث في القراءات ، وقد تقدّم الكلام في الإسلام والإيمان : أهما شيء واحد أهم هما مختلفان ؟ والفرق ظاهر في حديث سؤال جبريل . .
{ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } أي : اليهود والنصارى ، أو هما والمجوس ، أقوال ثلاثة : .
فعلى أنهم اليهود ، وهو قول الربيع بن أنس ، الذين اختلفوا فيه التوراة . قال : لما حضرة موسى عليه السلام الوفاة ، استودع سبعين من أحبار بني إسرائيل التوراة عند كل حبر جزء ، واستخلف يوشع ، فلما مضى ثلاثة قرون وقعت الفرقة بينهم . .
وقيل : الذين اختلفوا فيه