@ 406 @ هم ، يحتمل أن يكون مبتدأ ، ويحتمل أن يكون فصلاً . .
{ كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ } لما ذكر أن من كفر وكذب بالله مآله إلى النار ، ولن يغني عنه ماله ولا ولده ، ذكر أن شأن هؤلاء في تكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وترتب العذاب على كفرهم ، كشأن من تقدّم من كفار الأمم ، أخذوا بذنوبهم ، وعذبوا عليها ، ونبه على آل فرعون ، لأن الكلام مع بني إسرائيل ، وهم يعرفون ما جرى لهم حين كذبوا بموسى من إغراقهم وتصييرهم آخراً إلى النار ، وظهور بني إسرائيل عليهم ، وتوريثهم أماكن ملكهم ، ففي هذا كله بشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، ولمن آمن به . أن الكفار مآلهم في الدنيا إلى الاسئصال ، وفي الآخرة إلى النار ، كما جرى لآل فرعون ، أهلكوا في الدنياد وصاروا إلى النار . .
واختلفوا في إعراب : كدأب ، فقيل : هو خبر مبتدأ محذوف ، فهو في موضع رفع ، التقدير : دأبهم كدأب ، وبه بدأ الزمشخري وابن عطية . .
وقيل : هو في موضع نصب بوقود ، أي : توقد النار بهم ، كما توقد بآل فرعون . كما تقول : إنك لتثلم الناس كدأب أبيك ، تريد : كظلم أبيك ، قاله الزمخشري . .
وقيل : يفعل مقدّر من لفظ الوقود ، ويكون التشبيه في نفس الإحتراق ، قاله ابن عطية . وقيل : من معناه أي عذبوا تعذيباً كدأب آل فرعون . ويدل عليه وقود النار . .
وقيل : بلن تغني ، أي : لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك ، قاله الزمخشري . وهو ضعيف ، للفصل بين العامل والمعمول بالجملة التي هي : { أُولَائِكَ هُمُ * وَقُودُ النَّارِ } على أي التقديرين اللذين قدرناهما ، فيها من أن تكون معطوفة على خبر إن ، أو على الجملة المؤكدة بإن ، فان قدرتها اعتراضية ، وهو بعيد ، جاز ما قاله الزمخشري . .
وقيل : بفعل منصوب من معنى : لن تغني ، أي بطل انتفاعهم بالأموال والأولاد بطلاناً كعادة آل فرعون . .
وقيل : هو نعت لمصدر محذوف تقديره : كفراً كدأب والعامل فيه : كفروا ، قاله الفراء وهو خطأ ، لأنه إذا كان معمولاً للصلة كان من الصلة ، ولا يجوز أن يخبر عن الموصول حتى يستوفي صلته ومتعلقاتها ، وهنا قد أخبر ، فلا تجوز أن يكون معمولاً لما في الصلة . .
وقيل : بفعل محذوف يدل عليه : كفروا ، التقدير : كفروا كفراً كعادة آل فرعون . .
وقيل : العامل في الكاف كذبوا بآياتنا ، والضمير في : كذبوا ، على هذا لكفار مكة وغيرهم من معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، أي : كذبوا تكذيباً كعادة آل فرعون . .
وقيل : يتعلق بقوله : { فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } أي : أخذهم أخذاً كما أخذ آل فرعون ، وهذا ضعيف ، لأن ما بعد الفاء العاطفة لا يعمل فيما قبلها . .
وحكى بعض أصحابنا عن الكوفيين أنهم أجازوا : زيداً قمت فضربت ، فعلى هذا يجوز هذا القول . .
فهذه عشرة أقوال في العامل في الكاف . .
قال ابن عطية : والدأب ، بسكون الهمزة وفتحها ، مصدر دأب يدأب ، إذا لازم فعل شيء ودام عليه مجتهداً فيه ، ويقال للعادة : دأب . وقال أبو حاتم : وسمعت يعقوب يذكر : كدأب ، بفتح الهمزة ، وقال لي : وأنا غُلَيْمٌ على أي شيء يجوز كدأب ؟ فقلت له : أظنه من : دئب يدأب دأباً ، فقبل ذلك مني ، وتعجب من جودة تقديري على صغري ، ولا أدري : أيقال أم لا ؟ قال النحاس : لا يقال دئب ألبتة ، وإنما يقال : دأب يدأب دؤباً هكذا حكى النحويون ، منهم الفرّاء ، حكاه في كتاب ( المصادر صلى الله عليه وسلم ) . .
وآل فرعون : أشياعه وأتباعه . . .
{ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } هم كفار الأمم السالفة ، كقوم نوح ، وقوم هود ، وقوم شعيب ، وغيرهم . فالضمير على هذا عائد على آل فرعون ، ويحتمل أن يعود الضمير على الذين كفروا وهم معاصر ورسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وموضع : والذين ، جر عطفاً على : آل فرعون . .
{ كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا } بهذه الجملة تفسير للدأب ، كأنه قيل : ما فعلوا ؟ وما فعلوا بهم ؟ فقيل : كذبوا بآياتنا ، فهي كأنها جواب سؤال مقدّر ، وجوّزوا أن تكون في موضع الحال ، أي : مكذبين ، وجوزوا أن يكون الكلام تم عند قوله : { كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ } ثم ابتدأ فقال : { وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ } فيكون : الذين ، مبتدأ ، و : كذبوا خبره وفي قوله : بآياتنا ، التنفات ، إذ قبله من الله ، فهو اسم غيبة ، فانتقل منه إلى التكلم . .
و : الآيات ، يحتمل أن تكون المتلوة في كتب الله ، ويحتمل أن تكون العلامات الدالة على توحيد الله وصدق أنبيائه