@ 367 @ عنه ، عليه السلام ، لم يعدل عنه فيكون نهي تحريم . .
وقال ابن عباس أيضاً ، والحسن ، والسدي : هي في التحمل والإقامة إذا كان فارغاً ، وقال ابن عطية : والآية كما قال الحسن ، جمعت الأمرين ، والمسلمون مندوبون إلى معاونة إخوانهم ، فإذا كانت الفسحة في كثرة الشهود ، والأمن من تعطيل الحق ، فالمدعو مندوب ، وله أن يتخلف لأدنى عذر وأن يتخلف لغير عذر ، ولا إثم عليه . وإذا كانت الضرورة ، وخيف تعطيل الحق أدنى خوف ، قوي الندب وقرب من الوجوب . وإذا علم أن الحق يذهب ويتلف بتأخر الشاهد عن الشهادة ، فواجب عليه القيام بها ، لا سيما إن كانت محصلة . وكان الدعاء إلى أدائها ، فإن هذا الطرف آكد ، لأنها قلادة في العنق وأمانة تقتضي الأداء انتهى . .
{ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ } لما نهى عن امتناع الشهود إذا ما دعوا للشهادة ، نهى أيضاً عن السآمة في كتابة الدين ، كل ذلك ضبط لأموال الناس ، وتحريض على أن لا يقع النزاع ، لأنه متى ضبط بالكتابة والشهادة قل أن يحصل وهمٌ فيه أو إنكار ، أو منازعة في مقدار أو أجل أو وصف ، وقدم الصغير اهتماماً به ، وانتقالاً من الأدنى إلى الأعلى . ونص على الأجل للدلالة على وجوب ذكره ، فكتب كما يكتب أصل الدين ومحله إن كان مما يحتاج فيه إلى ذكر المحل ، ونبه بذكر الأجل على صفة الدين ومقداره ، لأن الأجل بعض أوصافه ، والأجل هنا هو الوقت الذي اتفق المتداينان على تسميته . .
وقال الماتريدي : فيه دلالة على جواز السلم في الثياب ، لأن ما يؤكل أو يوزن لا يقال فيه الصغير والكبير ، وإنما يقال ذلك في العددي والذرعي . انتهى . .
ولا يظهر ما قال : إذ الصغر ، والكبر هنا لا يراد به الجرم ، وإنما هو عبارة عن القليل والكثير ، فمن أسلم في مقدار رويبة ، أو في مقدار عشرين أردباً ، صدق على الأول أنه حق صغير ودين صغير ، وعلى الثاني انه دين كبير وحق كبير . .
قيل : ومعنى : ولا تسأموا ، أي لا تكسلوا ، وعبر بالسأم عن الكسل ، لأن الكسل صفة المنافق ، ومنه الحديث : ( لا يقل المؤمن كسلت ) ، وكأنه من الوصف الذي نسبه الله إليهم في قوله : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } وقيل : معناه لا تضجروا ، و : أن تكتبوا ، في موضع نصب على المفعول به ، لأن سئم متعد بنفسه . كما قال الشاعر : % ( سئمت تكاليف الحياة ومن يعي % .
ثمانين عاماً لا أبك لك يسأم .
وقيل : يتعدّى سئم بحرف جر ، فيكون : أن تكتبوه ، في موضع نصب على إسقاط الحرف ، أو في موضع جر على الخلاف الذي تقدم بين سيبويه والخليل ، ومما يدل على أن سئم يتعدّى بحرف جر قوله : .
ولقد سئمت من الحياة وطولها .
وسؤال هذا الناس كيف لبيد .
) % .
وضمير النصب في : تكتبوه ، عائد على الدَّين ، لسبقه ، أو على الحق لقربه ، والدَّين هو الحق من حيث المعنى ، وكان من كثرت ديونه يمل من الكتابة ، فنهوا عن ذلك . .
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون الضمير للكتاب ، و : أن تكتبوه ، مختصراً أو مشبعاً ، ولا يخل بكتابته . انتهى . وهذا الذي قاله فيه بُعد . .
وقرأ السلمي : ولا يسأموا ، بالياء وكذلك : أن يكتبوه ، والظاهر في هذه القراءة أن يكون ضمير الفاعل عائداً على الشهداء ، ويجوز أن يكون من باب الالتفات ، فيعود على المتعاملين أو على الكتاب . وانتصاب : صغيراً أو كبيراً ، على الحال من الهاء في : أن تكتبوه ، وأجاز السجاوندي نصب : صغيراً ، على أن يكون خبراً لكان مضمرة ، أي : كان صغيراً ، وليس موضع إضمار كان ، ويتعلق : إلى أجله ، بمحذوف لا تكتبوه لعدم استمرار الكتابة إلى أجل الدين ، إذ ينقضي في زمن يسير ، فليس نظير : سرت إلى الكوفة ، والتقدير : أن