@ 364 @ لا يجر بشهادته منفعة لنفسه ، ولا يدفع بها عن نفسه مضرة ، ولا يكون معروفاً بكثرة الغلط ، ولا بترك المروءة ، ولا يكون بينه وبين من يشهد عليه عداوة . .
وذكر بشر بن الوليد عن أبي يوسف : أن من سلم من الفواحش التي يجب فيها الحدود ، وما يجب فيها من العظائم ، وأدّى الفرائض وأخلاق البر فيه أكثر من المعاصي الصغار ، قبلت شهادته ، لأنه لا يسلم عبد من ذنب ، ولا تقبل شهادة من ذنوبه أكثر من أخلاق البر ، ولا من يلعب بالشطرنج يقامر عليها ، ولا من يلعب بالحمام ويطيرها ، ولا تارك الصلوات الخمس في جماعة استخفافاً أو مجانةً أو فسقاً ، لا أن تركها على تأويل ، وكان عدلاً ، ومن يكثر الحلف بالكذب ، ولا مداوم على ترك ركعتي الفجر ، ولا معروف بالكذب الفاحش ، ولا مظهر شتيمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، ولا شتام الناغس والجيران ، ولا من اتهمه الناس بالفسق والفجور ، ولا متهم بسب الصحابة حتى يقولوا : سمعناه يشتم . .
وقال ابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف : تقبل شهادة أهل الأهواء العدول ، إلاَّ صنفاً من الرافضة وهم الخطابية . وقال محمد : لا أقبل شهادة الخوارج ، وأقبل شهادة الحرورية ، لأنهم لا يستحلون أموالنا ، فإذا خرجوا استحلوا . وروي عن أبي حنيفة أنه : لا يجوز شهادة البخيل . وعن إياس بن معاوية لا يجيز شهادة الأشراف بالعراق ولا البخلاء ، ولا التجار الذين يركبون البحر ، وعن بلال بن أبي بردة ، وكان على البصرة ، أنه لا يجيز شهادة من يأكل الطين وينتف لحيته . وردّ عمر بن عبد العزير شهادة من ينتف عنفقته ويخفي لحيته . ورد شريح شهادة رجل اسمه ربيعة ويلقب بالكويفر ، فدعي : يا ربيعة ، فلم يجب ، فدعي : يا ربيعة الكويفر ، فأجاب ، فقال له شريح : دعيت باسمك فلم تجب ، فلما دعيت بالكفر أجبت فقال : أصلحك الله إنما هو لقب . فقال له : قم ، وقال لصاحبه : هات غيره . وعن أبي هريرة : لا يجوز شهادة أصحاب الحمر ، يعني : النخاسين . وعن شريح : لا يجيز شهادة صاحب حمام ، ولا حمال ، ولا ضيق كم القباء ، ولا من قال : أشهد بشهادة الله عز وجل ، وعن محمد : لا تقبل شهادة من ظهرت منه مجانة ، ولا شهادة مخنث ، ولا لاعب بالحمام يطيرهنّ ، ورد ابن أبي ليلى شهادة الفقير ، وقال : لا يؤمن أن يحمله فقره على الرغبة في المال . .
وقال مالك : لا تجوز شهادة السؤال في الشيء الكثير ، وتجوز في الشيء التافه . وعن الشافعي : إذا كان الأغلب من حاله المعصية وعدم المروءة ردت شهادته ، وعنه : إذا كان أكثر أمره الطاعة ، ولم يقدم على كبيرة ، فهو عدل ، وينبغي أن تفسر المروءة بالتصاون ، والسمت الحسن ، وحفظ الحرمة ، وتجنب السخف ، والمجون ، لا تفسر بنظافة الثوب ، وفراهة المركوب ، وجودة الآلة ، والشارة الحسنة . لأن هذه ليست من شرائط الشهادة عند أحد من المسلمين . .
واختلفوا في حكم من لم تظهر منه ريبة ، هل يسأل عنه الحاكم إذا شهد ؟ ففي كتاب عمر لأبي موسى : والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلاَّ مجلوداً في حدّ ، أو مجرباً عليه شهادة زور ، أو ظنيناً أو قرابة . وكان الحسن ، لما ولي القضاء ، يجيز شهادة المسلمين إلاَّ أن يكون الخصم يجرح الشاهد . وقال ابن شبرمة : إن طعن المشهود عليه فيهم سألت عنهم في السرّ والعلانية . وقال محمد ، وأبو يوسف : يسأل عنهم ، وإن لم يطعن فيهم في السرّ والعلانية ، وقال مالك : لا يقضي بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم في السرّ . وقال الليث : إنما كان الوالي يقول للخصم