@ 336 @ المحذوف ، وحذف ذلك للعلم به ، ولدلالة ما في قوله : وما أنفقتم ، عليه ، كما حذف ذلك في قوله : % ( أمن يهجو رسول الله منكم % .
ويمدحه وينصره سواء ؟ .
) % .
التقدير : ومن يمدحه ، فحذفه لدلالة : من ، المتقدمة عليه ، وعلى هذا الذي تقرر من حذف الموصول ، فجاء الضمير مفرداً في قوله : فإن الله يعلمه ، لأن العطف بأو ، وإذا كان العطف بأو كان الضمير مفرداً ، لأن المحكوم عليه هو أحدهما ، وتارة يراعى به الأول في الذكر ، نحو : زيد أو هند منطلق ، وتارة يراعى به الثاني نحو : زيد أو هند منطلقة . وأما أن يأتى مطابقاً لما قبله في التثنية أو الجمع فلا ، ولذلك تأوّل النحويون قوله تعالى : { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا } بالتأويل المذكور في علم النحو ، وعلى المهيع الذي ذكرناه ، جاء قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا } وقوله تعالى : { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } كما جاء في هذه الآية { فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ } ولما عزبت معرفة هذه الأحكام عن جماعة ممن تكلم في تفسير هذه الآية ، جعلوا إفراد الضمير مما يتأوّل ، فحكي عن النحاس أنه قال : التقدير : وما أنفقتم من نفقة فان الله يعلمها ، أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه . ثم حذف قال ، وهو مثل قوله : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا } وقوله { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَواةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ } وقول الشاعر : % ( نحن بما عندنا ، وأنت بما % .
عندك راضٍ ، والرأي مختلف .
) % .
وقول الآخر : % ( رماني بأمر كنت منه ، ووالدي % .
بريئاً ومن أجل الطويّ رماني .
) % .
التقدير : نحن بما عندنا راضون ، وكنت منه بريئاً ، ووالدي بريئاً . انتهى . فأجرى أو مجرى الواو في ذلك . قال ابن عطية : ووحد الضمير في يعلمه ، وقد ذكر شيئين من حيث أراد ما ذكر أو نص . انتهى . .
وقال القرطبي : وهذا حسن ، فإن الضمير يراد به جميع المذكور ، وإن كثر انتهى . وقد تقدّم لنا ذكر حكم أو ، وهي مخالفة للواو في ذلك ، ولا يحتاج لتأويل ابن عطية لأنه جاء على الحكم المستقر في لسان العرب في : أو . .
{ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } ظاهره العموم ، فكل ظالم لا يجد له من ينصره ويمنعه من الله ، وقال مقاتل : هم المشركون . وقال أبو سليمان الدمشقي : هم المنفقون بالمن والأذى والرياء ، والمبذورن في المعصية . وقيل : المنفقو الحرام . .
والأنصار : الأعوان جمع نصير ، كحبيب وأحباب ، وشريف وأشراف . أو : ناصر ، كشاهدو أشهاد ، وجاء جمعاً باعتبار أن ما قبله جمع ، كما جاء : { وَمَا لَهُم مّن نَّاصِرِينَ } والمفرد يناسب المفرد نحو : { مَالِكَ * مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ } لا يقال : انتفاء الجمع لا يدل على انتفاء المفرد ، لأن ذلك في معرض نفي النفع والإغناء ، وحصول الإستعانة ، فإذا لم يجد الجمع ولم يغنِ ، فأحرى أن لا يجدي ولا يغني الواحد . .
ولما بيَّن تعالى فضل الإنفاق في سبيله وحث عليه ، وحذرنا من الجنوح إلى نزغات الشيطان ، وذكرنا بوعد الله الجامع لسعادة الآخرة