@ 334 @ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( إن الله يحب الإنفاق ويبغض الإقتار فكل وأطعم ولا تصرر ، فيعسر عليك الطلب ) . وقوله صلى الله عليه وسلم ) : ( وأي داء أردأ من البخل ) . .
{ يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء } قرأ الربيع بن خيثم بالتاء في : تؤتي ، وفي : تشاء ، على الخطاب ، وهو التفات إذ هو خروج من غيبة إلى خطاب ، والحكمة : القرآن ، قاله ابن مسعود ، ومجاهد ، والضحاك ، ومقاتل في آخرين . .
وقال ابن عباس فيما رواه عنه علي بن طلحة : معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدّمه ومؤخره . وقال ، فيما رواه عنه أبو صالح : النبوّة ، وقاله السدي . وقال إبراهيم ، وأبو العالية ، وقتادة : الفهم في القرآن . وقال مجاهد . وقال الحسن : الورع في دين الله ، وقال الربيع بن أنس : الخشية ، وقال ابن زيد ، وأبوه زيد بن أسلم : العقل في أمر الله . وقال شريك : الفهم . وقال ابن قتيبة : العلم والعمل ، لا يسمى حكيماً حتى يجمعهما . وقال مجاهد أيضاً : الكتابة . وقال ابن المقفع : ما يشهد العقل بصحته ، وقال القشيري ، وقال فيما روي عنه ابن القاسم : التفكر في أمر الله والاتباع له ، وقال أيضاً : طاعة الله والفقه والدين والعمل به . وقال عطاء : المغفرة . وقال أبو عثمان : نور يفرق به بين الوسواس والمقام . ووجدت في نسخة : والإلهام بدل المقام . وقال القاسم بن محمد : أن يحكم عليك خاطر الحق دون شهوتك . وقال بندار بن الحسين : سرعة الجواب مع إصابة الصواب . وقال المفضل : الردّ إلى الصواب . وقال الكتاني : ما تسكن إليه الأرواح . وقيل إشارة بلا علة ، وقيل : إشهاد الحق على جميع الأحوال . وقيل : صلاح الدين وإصلاح الدنيا . وقيل : العلم اللدني . وقيل : تجريد السر لورود الإلهام . وقيل : التفكر في الله تعالى ، والاتباع له . وقيل : مجموع ما تقدّم ذكره : فهذه تسع وعشرون مقالة لأهل العلم في تفسير الحكمة . .
قال ابن عطية ، وقد ذكر جملة من الأقوال في تفسير الحكمة ما نصه : وهذه الأقوال كلها ، ما عدا قول السدي ، قريب بعضها من بعض ، لأن الحكمة مصدر من الإحكام وهو الإتقان في عمل أو قول ، وكتاب الله حكمة ، وسنة نبيه حكمة ، وكل ما ذكر فهو جزء من الحكمة التي هي الجنس . انتهى كلامه . .
وقد تقدّم تفسير الحكمة في قوله : { وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكّيهِمْ } فكان يغني عن إعادة تفسيرها هنا ، إلاَّ أنه ذكرت هنا أقاويل لم يذكرها المفسرون هناك ، فلذلك فسرت هنا . .
{ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ } قرأ الجمهور مبنياً للمفعول الذي لم يسم فاعله ، وهو ضمير : من ، وهو المفعول الأول : ليؤت وقرأ يعقوب : ومن يؤت ، بكسر التاء مبنياً للفاعل قال الزمخشري : بمعنى ومن يؤته الله . انتهى . .
فإن أراد تفسير المعنى فهو صحيح ، وإن أراد تفسير الإعراب فليس كذلك ، ليس في يؤت ضمير نصب حذف ، بل مفعوله مقدّم بفعل الشرط ، كما تقول : أياً تعط درهماً أعطه درهماً . .
وقرأ الأعمش : ومن يؤته الحكمة ، بإثبات الضمير الذي هو المفعول الأول : ليؤت ، والفاعل في هذه القراءة ضمير مستكن في : يؤت ، عائد على الله تعالى . وكرر ذكر الحكمة ولم يضمرها لكونها في جملة أخرى ، وللاعتناء بها ، والتنبيه على شرفها وفضلها وخصالها . .
{ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا } هذا جواب الشرط ، والفعل الماضي المصحوب : بقد ، الواقع جواباً للشرط في الظاهر قد يكون ماضي اللفظ ، مستقبل المعنى . كهذا . فهو الجواب حقيقة ، وقد يكون ماضي اللفظ والمعنى ، كقوله تعالى