@ 332 @ عموم نفي الأخذ بأي طريق أخذ الخبيث ، من أخذ حق ، أوهبة . .
والهاء في : بآخذيه ، عائدة على الخبيث ، وهي مجرورة بالإضافة ، وأن كانت من حيث المعنى مفعوله . قال بعض المعربين : والهاء في موضع نصب : بآخذين ، والهاء والنون لا يجتمعان ، لأن النون زائدة ، وهاء الضمير زائدة ومتصلة كاتصال النون ، فهي لا تجتمع مع المضمر المتصل . إنتهى كلامه . وهو قول الأخفش : أن التنوين والنون قد تسقطان للطافة الضمير لا للإضافة ، وذلك في نحو : ضاربك ، فالكاف ضمير نصب ، ومذهب الجمهور أنه لا يسقط شيء منها للطافة الضمير ، وهذا مذكور في النحو . وقد أجاز هشام : ضاربنك ، بالتنوين ، ونصب الضمير ، وقياسه جواز إثبات النون مع الضمير ، ويمكن أن يستدل له بقوله : .
هم الفاعلون الخير والآمرونه .
وقوله : .
ولم يرتفق والناس محتضرونه .
{ إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } موضع أن نصب أو خفض عند من قدره إلاَّ بأن تغمضوا ، فحذف الحرف ، إذ حذف جائز مطرد ، وقيل : نصب بتغمضوا ، وهو موضع الحال ، وقد قدمنا قبل ، أن سيبويه لا يجيز انتصاب أن والفعل مقدراً بالمصدر في موضع الحال ، وقال الفراء : المعنى معنى الشرط والجزاء ، لأن معناه إن أغمضتم أخذتم ، ولكن إلاَّ وقعت على أن ففتحتها ، ومثله : ( الا أن يخافه ) و { إَّلا أَن يَعْفُونَ } هذا كله جزاء ، وأنكر أبو العباس وغيره قول الفراء ، وقالوا : أن ، هذه لم تكن مكسورة قط ، وهي التي تتقدّر ، هي وما بعدها ، بالمصدر ، وهي مفتوحة على كل حال ، والمعنى : إلاَّ بإغماضكم . .
وقرأ الجمهور : تغمضوا ، من أغمض ، وجعلوه مما حذف مفعوله ، أي : تغمضوا ، بضم التاء وفتح الغين وكسر الميم مشدودة ، ومعناه معنى قراءة الجمهور . وروى عنه : تغمضوا ، بفتح التاء وسكون الغين وكسر الميم ، مضارع : غمض ، وهي لغة في أغمض ، ورويت عن اليزيدي : تغمضوا ، بفتح وضم الميم ، ومعناه : إلاَّ أن يخفي عليكم رأيكم فيه . وروي عن الحسن : تغمضوا مشددة الميم مفتوحة . وقرأ قتادة تغمضوا ، بضم التاء وسكون الغين وفتح الميم مخففاً ، ومعناه : إلاَّ أن يغمض لكم . .
وقال أبو الفتح : معناه إلاَّ أن توجدوا قد أغمصتم في الأمر بتأولكم أو بتساهلكم ، كما تقول : أحمد الرجل أصيب محموداً ، وقيل : معنى قراءة قتادة : إلاَّ أن تدخلوا فيه وتجذبوا إليه . .
{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي : غني عن صدقاتكم ، وإنما هي أعمالكم ترد عليكم ، حميد أي : محمود على كل حال ، إذ هو مستحق للحمد . .
وقال الحسن : يستحمد إلى خلقه ، أي : يعطيهم نعماً يستدعي بها حمدهم . وقيل : مستحق للحمد على ما تعبدكم به . .
{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ } أي : يخوفكم بالفقر ، يقول للرجل أمسك فإن تصدّقت افتقرت وروى أبو حيوة عن رجل من أهل الرباط أنه قرأ : الفقر ، بضم الفاء ، وهي لغة . وقرىء : الفقر ، بفتحتين . .
{ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء } أي : يغريكم بها إغراء الآمر ، والفحشاء : البخل وترك الصدقة ، أو المعاصي مطلقاً ، أو الزنا ، أقوال . ويحتمل أن تكون الفحشاء : الكلمة السيئة ، كما قال الشاعر : % ( ولا ينطق الفحشاء من كان منهم % .
إذا جلسوا منا ولا من سوائنا .
وكأن الشيطان يعد الفقر لمن أراد أن يتصدق ، ويأمره ، إذ منع ، بالرد القبيح على السائل ، وبخه وأقهره بالكلام السيء . .
.
) % .
وروي ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ) ، أنه قال : ( إن للشيطان لمة من ابن آدم ، وللملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، فمن وجد ذلك فليتعوذ . وأما لمة الملك فوعد بالحق وتصديق بالخير ، فمن وجد ذلك فليحمد الله ) . ثم قرأ عليه السلام : { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء } الآية . .
وتقدّم وعد الشيطان على أمره ، لأنه بالوعد يحصل