@ 317 @َ لَيَالٍ } ولم يقل : طريقات ، ولا : ليلات ، وإن كان جائزاً في جمع طريقة وليلة ، وقوله تعالى : { عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } ، وإن كان جائزاً في جمعه أن يكون جمع سلامة . فتقول : مسكينون ومسكينين ، وقد آثروا ما لا يماثل مفاعل من جموع الكثرة على جمع التصحيح ، وإن لم يكن هناك مجاور يقصد مشاكلته لقوله تعالى : { ثَمَانِىَ حِجَجٍ } وإن كان جائزاً فيه أن يجمع بالألف والتاء ، لأن مفرده حجة ، فتقول : حجات ، فعلى هذا الذي تقرر إذا كان للاسم جمعان : جمع تصحيح ، وجمع تكسير ، فجمع التكسير إما أن يكون للكثرة أو للقلة ، فإن كان للكثرة ، فإما أن يكون من باب مفاعل ، أو من غير باب مفاعل ، إن كان من باب مفاعل أوثر على جمع التصحيح ، فتقول : جاءني ثلاثة أحامد ، وثلاث زيانب ، ويجوز التصحيح على قلة ، فتقول : جاءني ثلاثة أحامد ، وثلاث زينبات ، وإن لم يكن من باب مفاعل . فإما أن يكثر فيه غير التصحيح ، وغير جمع الكثرة ، فلا يجوز التصحيح ، ولا جمع الكثرة إلاَّ قليلاً ، مثال ، ذلك : جاءني ثلاثة زيود ، وثلاث هنود ، وعندي ثلاثة أفلس ، ولا يجوز : ثلاثة زيدين ، و ، لا : ثلاث هندات ، ولا : ثلاثة فلوس ، إلاَّ قليلاً . .
وإن قل فيه غير التصحيح ، وغير جمع الكثرة أوثر التصحيح وجمع الكسرة ، مثال ذلك : ثلاث سعادات ، وثلاثة شسوع ، ويجوز على قلة : ثلاث سعائد ، وثلاثة أشسع . .
وتحصل من هذا الذي قررناه أن قوله { سَبْعَ سَنَابِلَ } جاء على ما تقرر في العربية من كونه جمعاً متناهياً ، وأن قوله : { سَبْعَ * سُنبُلَاتٍ } إنما جاز لأجل مشاكلة : { سَبْعَ بَقَراتٍ } ومجاورته ، فليس استعذار الزمخشري بصحيح . .
و { فِي كُلّ سُنبُلَةٍ } في موضع الصفة : لسنابل ، فتكون في موضج جر ، أو : لسبع ، فيكون في موضع نصب ، وترتفع على التقديرين : مائة ، على الفاعل لأن الجار قد اعتمد بكونه صفته ، وهو أحسن من أن يرتفع على الابتداء ، و : في كل ، خبره ، والجملة صفة ، لأن الوصف بالمفرد أولى من الوصف بالجملة ، ولا بد من تقدير محذوف ، أي : في كل سنبلة منها ، أي : من السنابل . .
وقرىء شاذاً : مائة حبة ، بالنصب ، وقدر بأخرجت ، وقدره ابن عطية بأنبتت ، والضمير عائد على الحبة ، وجوز أن ينتصب على البدل من : { سَبْعَ سَنَابِلَ } وفيه نظر ، لأنه لا يصح أن يكون بدل كل من كل ، لأن { مّاْئَةُ حَبَّةٍ } ليس نفس { سَبْعَ سَنَابِلَ } ولا يصح أن يكون بدل بعض من كل ، لأنه لا ضمير في البدل يعود على المبدل منه ، وليس : { مّاْئَةُ حَبَّةٍ } بعضاً من { سَبْعَ سَنَابِلَ } لأن المظروف ليس بعضاً من الظرف ، والسنبلة ظرف للحب . ألا ترى إلى قوله { فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ } ولا يصح أن يكون بدل اشتمال لعدم عود الضمير من البدل على المبدل منه ، ولأن المشتمل على مائة حبة هو سنبلة من سبع سنابل ، إلاَّ إن قيل : المشتمل على المشتمل على الشيء هو مشتمل على ذلك الشيء ، والسنبلة مشتمل على سبع سنابل ، فالسبع مشتملة على حب السنبلة ، فإن قدرت في الكلام محذوفاً . وهو : أنبتت حب سبع سنابل ، جاز أن يكون : { مّاْئَةُ حَبَّةٍ } بدل بعض من كل على حذف : حب ، وإقامة سبع مقامه . .
وظاهر قوله : { مّاْئَةُ حَبَّةٍ } العدد المعروف ، ويحتمل أن يكون المراد به التكثير ، كأنه قيل : في كل سنبلة حب كثير ، لأن العرب تكثر بالمائة ، وتقدم لنا ذكر نحو ذلك في قوله { وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ } . .
قيل : وفي هذه الآية دلالة على أن اتخاذ الزرع من أعلى الحِرَفِ التي يتخذها الناس ، ولذلك ضرب الله به المثل في قوله : { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوالَهُمْ } الآية . وفي ( صحيح مسلم ) . ( ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة ) . وفي رواية أخرى . ( وما رزىء فهو صدقة ) . وفي الترمذي : ( التمسوا الرزق في خبايا الأرض ) يعني : الزرع وقال بعضهم ، وقد قال له رجل : دلني على عمل أعالجه ، فقال : % ( تتبع خبايا الأرض وادع مليكها % .
لعلك يوماً أن تجاب وترزقا .
) %