@ 274 @ مذهب مالك جريان الرِّبا فيه . وقال محمد بن الحسن : هو مما يكال ويوزن ، فعلى هذا لا يجوز عنده التفاضل . .
وكأن قوله : { فَمَن شَرِبَ مِنْهُ } يدل ظاهره على مباشرة الشرب من النهر ، حتى لو أخذ بالكوز وشربه ، لا يكون داخلاً في من شرب منه ، إذا لم يباشر الشرب من النهر ، وفي مذهب أبي حنيفة ، رحمه الله تعالى ، أنه إن قال إن شربت من القربة فعبدي حرّ ، يحمل على الكروع ، وإن اغترف منه ، أو شرب بإنا لم يحنث . قالوا : لأنه تعالى حظر الشرب من النهر ، وحظر مع ذلك أن يطعم منه ، واستثنى من الطعم منه الاغتراف ، فحظرُ الشرب ماقٍ ، ودل على أن الاغتراف ليس بشرب ، وأتى بقوله : { وَمَن لَّمْ } معدّى لضمير الماء ، لا إلى النهر ، ليزيل ذلك الإبهام ، وليعلم أن المقصود هو المنع من وصولهم إلى الماء من النهر ، بمباشرة الشرب منه ، أو بواسطة . .
قال ابن عطية : وفي قوله : { وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنّى } سدّ الذرائع ، لأن أدنى الذوق يدخل في لفظ الطعم ، فإذا وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم ، ولهذه المبالغة ، لم يأت الكلام : ومن لم يشرب منه ، انتهى كلامه . .
{ إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } هذا استثناء من الجملة الأولى ، وهي قوله : { فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنّي } والمعنى : أن من اغترف غرفة بيده دون الكروع فهو مني ، والاستثناء إذا اعتقب جملتين ، أو جملاً ، يمكن عوده إلى كل واحدة منها ، فإنه يتعلق بالأخيرة ، وهذا على خلاف في هذه المسألة مذكور في علم أصول الفقه ، فإن دل دليل على تعلقها ببعض الجمل كان الاستثناء منه ، وهنا دل الدليل على تعلقها بالجملة الأولى ، وإنما قدمت الجملة الثانية على الاستثناء من الأولى لأن الجملة الثانية تدل عليها الأولى بالمفهوم ، لأنه حين ذكر أن الله يبتليهم بنهر ، وأن من شرب منه فليس منه ، فهم من ذلك أن من لم يشرب منه فإنه منه ، فصارت الجملة الثانية كلاًّ فصل بين الأولى والاستثناء منها إذا دلت عليها الأولى ، حتى إنها لو لم يكن مصرحاً بها لفهمت من الجملة الأولى ، وقد وقع في بعض التصانيف ما نصه : إلاَّ من اغترف . استثناءً من الأولى ، وإن شئت جعلته استثناء من الثانية . انتهى . ولا يظهر كونه استثناء من الجملة الثانية لأنه حكم على أن : من لم يطعمه فانه منه ، فيلزم في الاستثناء من هذا أن من اغترف منه بيده غرفة فليس منه ، والأمر ليس كذلك ، لأنه مفسوح لهم الاغتراف غرفة باليد دون الكروع فيه ، وهو ظاهر الاستثناء من الأولى ، لأنه حكم فيها أن : من شرب منه فليس منه ، فيلزم في الاستثناء أن : من اغترف غرفة بيده منه فإنه منه ، إذ هو مفسوح له في ذلك ، وهكذا الاستثناء يكون من النفي إثباتاً ، ومن الاثبات نفياً ، على الصحيح من المذاهب في هذه المسألة . وفي الاستثناء محذوف تقديره : إلاَّ من اغترف غرفة بيده فشرِبَها ، أو للشرب . .
وقرأ الحرميان ، وأبو عمر ، و : غرفة ، بفتح الغين وقرأ الباقون بضمها ، فقيل : هما بمعنى المصدر ، وقيل : هما بمعنى