@ 211 @ والشافعي ، وأبو عبيد ، وأصحاب أبي حنيفة ؛ وقال مالك ، وربيعة : لا يحلها . .
وظاهر قوله : حتى تنكح زوجاً ، أنه بنكاح صحيح ، فلو نكحت نكاحاً فاسداً لم يحل ، وهو قول أكثر العلماء : مالك ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأصحاب أبي حنيفة . وقال الحكم : هو زوج ، وأجمعوا على أن المرأة إذا قالت للزوج الأول : قد تزوجت ، ودخل على زوجي وصدّقها . أنها تحل للأول . قال الشافعي : والورع أن لا يفعل إذا وقع في نفسه أنها كذبته . .
وفي الآية دليل على أن سمي زوج كافٍ ، سواء كان قوي النكاح أم ضعيفه أو صبياً أو مراهقاً أو مجبوباً بقي له ما يغيبه كما يغيب ، غير الخصي ، وسواء أدخله بيده أو بيدها ، وكانت محرمة أو صائمة ، وهذا كله على ما وصف الشافعي قول أبي حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والأوزاعي ، والحسن بن صالح ، وقول بعض أصحاب مالك . وقال مالك في أحد قوليه : لو وطئها نائمة أو مغمى عليها لم تحل لمطلقها ، ومذهب جمهور الفقهاء أن المطلقة ثلاثاً لا تحل لذلك الزوج إلاّ بخمسة شرائط : تعتدّ منه ، ويعقد للثاني ، ويطأها ، ثم يطلقها ، وتعتدّ منه . .
وكون الوطء شرطاً قيل : ثبت بالسنة ، وقيل : بالكتاب ، وهو قول أبي مسلم ، وقيل : هو المختار . لأن أبا عليّ نقل أن العرب تقول : نكح فلان فلانة بمعنى عقد عليها . ونكح امرأته أو زوجته أي : جامعها . وقد مر لنا طرق من هذا . .
قال في ( المنتخب ) : بعد كلام كثير محصوله أن قوله : حتى تنكح زوجاً غيره ، يدل على ما تقدّم الزوجية . وهي العقد الحاصل بينهما ، ثم النكاح على من سبقت زوجته ، فيتعين أن يراد به الوطء ، فيكون قوله : تنكح ، دالاً على الوطء ، و : زوجاً : يدل على العقد . ولا يتعين ما قاله ، إذ يجوز أن لا يدل على أن تتقدم الزوجية بجعل تسميته زوجاً بما تؤول إليه حاله ، فيكون التقدير : حتى يعقد على من يكون زوجاً . وقال في ( المنتخب ) أيضاً : أما قول من يقول : الآية لا تدل على الوطء ، وإنما ثبت بالسنة فضعيف ، لأن الآية تقتضي نفي الحل ممدوداً إلى غاية ، وما كان غاية للشيء يجب انتهاء الحكم عند ثبوته ، فيلزم انتفاء الحرمة عند حصول النكاح ، فلو كان النكاح عبارة عن العقد لكانت الآية دالة على وجوب انتهاء هذه الحرمة عند حصول العقد ، فكان رفعها بالخبر نسخاً للقرآن بخبر الواحد ، وأنه غير جائز ، أما إذا حملنا النكاح على الوطء ، وحملنا قوله زوجاً على العقد ، لم يلزم هذا الإشكال . انتهى . .
ولا يلزم ما ذكره من هذا الإشكال وهو أنه يلزم من ذلك نسخ القرآن بخبر الواحد ، لأن القائل يقول : لم يجعل نفي الحل منتهياً ، إلى هذه الغاية التي هي نكاحها زوجاً غيره فقط . وإن كان الظاهر في الآية ذلك ، بل ثم معطوفات ، قبل الغاية المذكورة في الآية وما بعدها ، يدل على إرادتها ، وهي غايات أيضاً ، والتقدير : فلا تحل له من بعد ، أي : من بعد الطلاق الثلاث حتى تنقضي عدّتها منه ، وتعقد على زوج غيره ، ويدخل بها ، ويطلقها ، وتنقضي عدتها منه ، فحينئذ تحل للزوج المطلق ثلاثاً أن يتراجعا ، فقد صارت الآية من باب ما يحتاج بيان الحل فيه إلى تقدير هذه المحذوفات وتبيينها ، ودل على إرادتها الكتاب والسنة الثابتة ، وإذا كانت كذلك ، وبين هذه المحذوفات الكتاب والسنة ، فليس ذلك من باب نسخ القرآن بخبر الواحد ، ألا ترى أنه يلزم أيضاً من حمل النكاح هنا على الوطء أن يضمر قبله : حتى تعقد على زوج ويطأها ؟ فلا فرق في الإضمار بين أن يكون مقدماً على الغاية المذكورة المراد به الوطء ، أو يكون مؤخراً عنها إذا أريد به العقد ، فهذا إضمار يدل عليه الكتاب والسنة ، فليس من باب النسخ في شيء . .
{ فَإِن طَلَّقَهَا } قيل : الضمير عائد على : زوج ، النكرة ، وهو الثاني ، وأتى بلفظ : إن ، دون إذا تنبيهاً على أن طلاقه يجب أن يكون على ما يخطر له دون الشرط . انتهى . ومعناه أن : إذا ، إنما تأتي للمتحقق ، وإن تأتي للمبهم والمجوز وقوعه وعدم وقوعه ، أو للمحقق المبهم زمان وقوعه ، كقوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن } والمعنى : فإن طلقها وانقضت عدتها منه { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } أي : على الزوج المطلق الثلاث وهذه الزوجة . قاله ابن عباس ، ولا خلاف فيه بين أهل العلم على أن اللفظ يحتمل أن يعود على الزوج الثاني والمرأة ، وتكون الآية قد أفادت حكمين : أحدهما : أن المبتوتة ثلاثاً تحل للأول بعد نكاح زوج غيره