@ 207 @ .
أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها .
ولذلك رفع الفعل بعد : أن ، أو : الظن ، قاله الفراء ، وكذلك قرأ أبي : إلاَّ أن يظنا ، وأنشد : % ( أتاني كلام من نصيب بقوله % .
وما خفت يا سلام أنك عايبي .
) % .
والأولى بقاء الخوف على بابه ، وهو أن يراد به الحذر من الشيء ، فيكون المعنى : إلاَّ أن يعلم . أو يظن أو يوقن أو يحذر ، كل واحد منهما بنفسه ، أن لا يقيم حقوق الزوجية لصاحبه حسبما يجب ، فيجوز الأخذ . .
وقرأ عبد الله : إلاَّ أن يخافوا أن لا يقيموا حقوق ، أي إلاَّ أن يخاف الأزواج والزوجات ، وهو من باب الالتفات إذ لو جرى عليه النسق الأول لكان بالتاء ، وروي عن عبد الله أنه قرأ أيضاً : إلاَّ أن تخافوا بالتاء . .
وقرأ حمزة ، ويعقوب ، ويزيد بن القوقاع ؛ إلاَّ أن يُخافوا ، بضم الياء ، مبنياً للمفعول ، والفاعل المحذوف : الولاة . .
وأن لا يقيما ، في موضع رفع بدل من الضمير أي : إلاَّ أن يخاف عدم إقامتهما حدود الله ، وهو بد اشتمال ، كما تقول : الزيد ان أعجباني حسنهما ، والأصل : إلاَّ أن يخافوا ، أنها : الولاة ، عدم إقامتهما حدود الله . .
وقال ابن عطية : في قراءة يخافا بالضم ، أنها تعدت خاف إلى مفعولين : أحدهما أسند الفعل إليه ، والآخر بتقدير حرف جر بمحذوف ، فموضع أن خفض الجار المقدر عند سيبويه ، والكسائي ، ونصب عند غيرهما ، لأنه لما حذف الجار المقدر وصل الفعل إلى المفعول الثاني ، مثل : استغفر لله ذنباً ، وأمرتك الخير . إنتهى كلامه . وهو نص كلام أبي علي الفارسي نقله من كتابه ، إلا التنظير باستغفر ، وليس بصحيح تنظير ابن عطية خاف باستغفر ، لأن خاف لا يتعدى إلى اثنين ، كاستغفر الله ، ولم يذكر ذلك النحويون حين عدوا ما يتعدى إلى اثنين ، وأصل أحدهما بحرف الجر ، بل إذا جاء : خفت زيداً ضربه عمراً ، كان ذلك بدلاً ، إذ : من ضربه عمراً كان مفعولاً من أجله ، ولا يفهم ذلك على أنه مفعول ثان ، وقد وهم ابن عطية في نسبة أن الموضع خفض في مذهب سيبويه ، والذي نقله أبو علي وغيره أن مذهب سيبويه أن الموضع بعد الحذف نصب ، وبه قال الفراء ، وأن مذهب الخليل أنه جر ، وبه قال الكسائي . وقدَّر غير ابن عطية ذلك الحرف المحذوف : على ، فقال : والتقدير إلاَّ أن يخافا على أن يقيما ، فعلى هذا يمكن أن يصح قول علي وفيه بعد وقد طعن في هذه القراءات من لا يحسن توجيه كلام العرب ، وهي قراءة صحيحة مستقيمة في اللفظ وفي المعنى ، ويؤيدها قوله بعد : فإن خفتم ، فدل على أن الخوف المتوقع هو من غير الأزواج ، وقد اختار هذه القراءة أبو عبيد . .
قال أبو جعفر الصفار : ما علمت في اختيار حمزة أبعد من هذا الحرف لأنه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى ، أما الإعراب فإن يحتج له بقراءة عبد الله بن مسعود : إلاَّ أن يخافوا أن لا يقيموا ، فهو في العربية إذ ذاك لما لم يسم فاعله ، فكان ينبغي أن لو قيل إلاَّ أن يخافا أن لا يقيما ؟ وقد احتج الفراء لحمزة ، وقال : إنه اعتبر قراءة عبد الله : إلاَّ أن يخافوا ، وخطأه أبو علي ، وقال : لم يصب ، لأن الخوف في قراءة عبد الله واقع على : أن ؛ وفي قراءة حمزة واقع على الرجل والمرأة ، وأما اللفظ فإن كان صحيحاً فالواجب أن يقال : فإن خيفا ، وإن كان على لفظ : فإن ، وجب أن يقال إلاَّ أن يخافوا . وأما المعنى فإنه يبعد أن يقال : لا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيمتوهنّ شيئاً إلاَّ أن يخاف غيركم ، ولم يقل جل وعزّ : فلا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية ، فيكون الخلع إلى السلطان ، وقد صح عن عمر وعثمان أنهما أجازا الخلع بغير سلطان . إنتهى كلام الصفار ، وما ذكره لا يلزم ، وتوجيه قراءة الضم ظاهر ، لأنه لما قال : ولا يحل لكم وجب على الحكام منه من أراد أن يأخذ شيئاً من ذلك ، ثم قال : إلاَّ أن يخافا ، الضمير للزوجين ، والخائف محذوف وهم : الولاة والحكام والتقدير : إلاَّ حين يخاف الأولياء الزوجين أن لا يقيما حدود الله ، فيجوز الافتداء ، وتقدم تفسير الخوف هنا . .
وأما قوله : فوجب أن يقال : فإن خيفاً فلا يلزم ، لأن هذا من باب الالتفات ، وهو في القرآن كثير ، وهو من محاسن العربية ، ويلزم من فتح الياء أيضاً على