@ 199 @ ابن عباس : لما استحقه الرجل من الرجعه ؛ وقال قتادة : لإلحاق الولد بغيره ، كفعل أهل الجاهلية . .
{ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدّهِنَّ فِي ذالِكَ } قرأ مسلمة بن محارب : وبعولتهنّ ، بسكون التاء ، فراراً من ثقل توالي الحركات ، وهو مثل ما حكى أبو زيد : ورسلنا ، بسكون اللام . وذكر أبو عمر ، و : أن لغة تميم تسكين المرفوع من : يعلمهم ، ونحوه . وسماهم بعولة باعتبار ما كانوا عليه ، أو لأن الرجعية زوجة على ما ذهب إليه بعضهم . .
والمعنى أن الأزواج أحق لمراجعتهنّ . .
وقرأ أبي : بردتهِنَّ بالتاء بعد الدال ، وتتعلق : الباء ، وفي ، بقوله : أحق ، وقيل : تتعلق : في ، بردهنّ ؛ وأشار بقوله : في ذلك ، إلى الأجل الذي أمرت أت تتربص فيه ، وهو زمان العدة وقيل : في الحمل المكتوم ، والضمير في : بعولتهن ، عائد على المطلقات ، وهو مخصوص بالرجعيات ، وفيه دليل على أن خصوص آخر اللفظ لا يمنع عموم أوله ولا يوجب تخصيصه ، لأن قوله : والمطلقات ، عام في المبتوتات والرجعيات ، و : بعولتهن أحق بردهن ، خاص في الرجعيات ، ونظيره عندهم { وَصَّيْنَا * الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } فهذا عموم ، ثم قال : { وَإِن جَاهَدَاكَ } وهذا خاص في المشركين . .
والأولى عندي أن يكون على حذف مضاف دل عليه الحكم ، تقديره : وبعولة رجعياتهن ، وأحق ، هنا ليست على بابها ، لأن غير الزوج لا حق له ولا تسليط على الزوجة في مدة العدة ، إنما ذلك للزوج ولا حق لها أيضاً في ذلك ، بل لو أبت كان له ردها ، فكأنه قيل : وبعولتهن حقيقون بردهن . ودل قوله : بردهنّ ، على انفصال سابق ، فمن قال : إن المطلقة الرجعية محرمة الوطء فالرد حقيقي على بابه ، ومن قال : هي مباحة الوطء وأحكامها أحكام الزوجة ، فلما كان هناك سبب تعلق به زوال النكاح عند انقضاء العدّة ، جاز إطلاق الرد عليه ، إذ كان رافعاً لذلك السبب . .
واختلفوا فيما به الرد ؛ فقال سعيد ، والحسن ، وابن سيرين ، وعطاء وطاووس ، والزهري ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة : إذا جامعها فقد راجعها ويُشهد ؛ وقال الليث ، وطائفة من أصحاب مالك : إن وطأه مراجعة على كل حال نواها أو لم ينوها ؛ وقال مالك : إن وطِئها في العدة يريد الرجعة وجهل أن يشهد فهي رجعة وينبغي للمرأة أن تمنعه الوطء حتى يشهد ، وبه قال اسحاق : فإن وطىء ولم ينو الرجعة ، فقال مالك : يراجع في العدة ولا يطأ حتى يستبرئها من مائه الفاسد . .
وقال ابن القاسم : فإن انقضت عدتها لم ينكحها هو ولا غيره في مدة بقية الاستبراء ، فان فعل فسخ نكاحه ولا يتأبد تحريمها عليه ، لأن الماء ماؤه ؛ وقال الشافعي : إذا جامعها فليس برجعة نوى بذلك الرجعة أم لا ، ولها مهر مثلها . وقال مالك : لا شيء عليه ، قال أبو عمر : ولا أعلم أحداً أوجب عليه مهر المثل غير الشافعي . .
قال الشافعي : ؛ ولا تصح الرجعة إلاَّ بالقول ، وبه قال جابر بن زيد ، وأبو قلابة ، وأبو ثور ؛ قال الباجي في ( المنتقى ) : ولاخلاف في صحة الارتجاع بالقول ، ولو قبل أو باشر أثم عند مالك ، وليس برجعة . والسنة أن يشهد قبل ذلك ؛ وقال أبو حنيفة ، والثوري : إن لمسها بشهوة ، أو نظر إلى فرجها بشهوة فهو رجعة ، ينبغي أن يُشهد في قول مالك ، والشافعي ، وإسحاق وأبي عبيد ، وأبي ثور . .
وهل يجوز له أن يسافر بها قبل ارتجاعها ؟ منعه مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة وأصحابه ؟ وعن الحسن بن زياد : إن له أن يسافر بها قبل الرجعة . .
وهل له أن يدخل عليها ويرى شيئاً من محاسنها وتتزين له أو تتشوّف ؟ أجاز ذلك أبو حنيفة ؛ وقال مالك : لا يدخل عليها إلاَّ بإذن ، ولا ينظر إليها إلاَّ وعليها ثيابها ، ولا ينظر إلى شعرها ، ولا بأس أن يؤا كلها إذا كان معها غيرها ، ولا يبيت معها في بيت ؛ قال ابن القاسم : ثم رجع مالك عن ذلك ، فقال : لا يدخل عليها ، ولا يرى شعرها ، وقال سعيد يستأذن عليها إذا دخل ويسلم ، أو يشعرها بالتنحم والتنحنح ، وتلبس ما شاءت من الثياب والحلي ، فإن لم يكن لها إلاَّ بيت واحد فليجعلا بينهما ستراً ؛ وقال : الشافعي هي محرمة تحريم المبتوته حتى تراجع بالكلام ، كما تقدم . .
وأجمعوا على أن المطلق إذا قال بعد انقضاء العدة لامرأته : كنت راجعتك في العدة ، وأنكرت إن القول قولها مع يمينها وفيه خلاف لأبي حنيفة ، فلو كانت الزوجة أمة ، والزوج ادعى الرجعة في العدة بعد انقضائها ، فالقول قول الزوجة الأمة ، وإن كذبها مولاها هذا قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي ثور . .
وقا أبو يوسف ، ومحمد : القول قول المولى وهو أحق بها . .
{ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلَاحاً } هذا شرط آخر حذف جوابة لدلالة ما قبله عليه ، وظاهره أن إباحة الرجعة معقودة بشريطة إرادة الإصلاح ، ولا خلاف بين أهل