@ 648 @ .
والصحيح أن لو هذه هي التي لما كان سيقع لوقوع غيره ، وأشربت معنى التمني ، ولذلك جاء بعد هذا البيت جوابها ، وهو قوله : % ( بيوم الشعثمين لقر عينا % .
وكيف لقاء من تحت القبور .
) % .
وأن مفتوحة بعد لو ، كما فتحت بعد ليت في نحو قوله : % ( يا ليت أنا ضمنا سفينه % .
حتى يعود البحر كينونه .
) % .
وينبغي أن يستثنى من المواضع التي تنتصب بإضمار أن بعد الجواب بالفاء ، وأنها إذا سقطت الفاء ، انجزم الفعل هذا الموضع ، لأن النحويين إنما استثنوا جواب النفي فقط ، فينبغي أن يستثنى هذا الموضع أيضاً ، لأنه لم يسمع الجزم في الفعل الواقع جواباً للو التي أشربت معنى التمني إذا حذفت الفاء . والسبب في ذلك أن كونها مشربة معنى التمني ، ليس أصلها ، وإنما ذلك بالجمل على حرف التمني الذي هو ليت . والجزم في جواب ليت بعد حذف الفاء ، إنما هو لتضمنها معنى الشرط ، أو دلالتها على كونه محذوفاً بعدها ، على اختلاف القولين ، فصارت لو فرع فرع ، فضعف ذلك فيها . والكاف في كما : في موضع نصب ، إما نعتاً لمصدر محذوف ، أو على الحال من ضمير المصدر المحذوف على القولين السابقين ، في غير ما موضع من هذا الكتاب . وما في كما : مصدرية ، التقدير : تبرؤوا مثل تبرئهم ، أو فنتبرأه ، أي فنتبرأ التبرؤ مشابهاً لتبرئهم . وقال ابن عطية : الكاف من قوله : كما في موضع نصب على النعت ، إما لمصدر ، أو لحال ، تقديرها : متبرئين . كما انتهى كلامه . أما قوله على النعت ، إما لمصدر ، فهو كلام واضح ، وهو الإعراب المشهور في مثل هذا . وأما قوله : أو لحال ، تقديرها : متبرئين كما ، فغير واضح ، لأنا لو صرحنا بهذه الحال ، لما كان كما منصوباً على النعت لمتبرئين ، لأن الكاف الداخلة على ما المصدرية هي من صفات الفعل ، لا من صفات الفاعل . وإذا كان كذلك ، لم ينتصب على النعت للحال ، لأن الحال هنا من صفات الفاعل ، ولا حاجة لتقدير هذه الحال ، لأنها إذ ذاك تكون حالاً مؤكدة ، ولا نرتكب كون الحال مؤكدة إلا إذا كانت ملفوظاً بها . أما أن تقدر حالاً ونجعلها مؤكدة ، فلا حاجة إلى ذلك . وأيضاً فالتوكيد ينافي الحذف ، لأن ما جيء به لتقوية الشيء لا يجوز حذفه أيضاً . فلو صرح بهذه الحال ، لما ساغ في كما إلا أن تكون نعتاً لمصدر محذوف ، أو حالاً من الضمير المستكن في الحال المصرّح بها ، مثال ذلك : هم محسنون إليّ كما أحسنوا إلى زيد . فكما أحسنوا ليس من صفات محسنين ، إنما هو من صفات الإحسان ، التقدير : على الإعراب المشهور إحساناً مثل إحسانهم إلى زيد . .
{ كَذالِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ } : الكاف عند بعضهم في موضع رفع ، وقدروه الأمر كذلك ، أو حشرهم كذلك ، وهو ضعيف ، لأنه يقتضي زيادة الكاف وحذف مبتدأ ، وكلاهما على خلاف الأصل . والظاهر أن الكاف على بابها من التشبيه ، وأن التقدير مثل إراءتهم تلك الأهوال ، { يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ } ، فيكون نعتاً لمصدر محذوف ، فيكون في موضع نصب . وجعل صاحب المنتخب ذلك من قوله : كذلك ، إشارة إلى تبرؤ بعضهم من بعض . والأجود تشبيه الآراءة بالآرة ء ، وجوزوا في يريهم أن تكون بصرية عديت بالهمزة ، فتكون حسرات منصوباً على الحال ، وأن تكون قلبية ، فتكون مفعولاً ثالثاً ، قالوا : ويكون ثم حذف مضاف ، أي على تفريطهم . وتحسر : يتعدى بعلى ، تقول : تحسرت على كذا ، فعلى هنا متعلقة بقوله : حسرات . ويحتمل أن تكون في موضع الصفة ، فالعامل محذوف ، أي حسرات كائنة عليهم ، وعلى تشعر بأن الحسرات مستعلية عليهم . وأعمالهم ، قيل : هي الأعمال التي صنعوها ، وأضيفت إليهم من حيث عملوها ، وأنهم مأخوذون بها . وهذا على قول من يقول : إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، وهذا معنى قول الربيع وابن زيد : أنها الأعمال السيئة التي ارتكبوها ، فوجب بهم بها النار . وقال ابن مسعود والسدّي : المعنى أعمالهم الصالحة التي تركوها ،