@ 617 @ على أنها نعت لمصدر محذوف . واختلف في تقديره ، فقيل التقدير : ولأتم نعمتي عليكم إتماماً مثل إتمام إرسال فيكم . ومتعلق الإتمامين مختلف ، فالإتمام الأول بالثواب في الآخرة ، والإتمام الثاني بإرسال الرسول إلينا في الدنيا . أو الإتمام الأول بإجابة الدعوة الأولى لإبراهيم في قوله : { وَمِن ذُرّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ } ، والإتمام الثاني بإجابة الدعوة الثانية في قوله : { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ } ، وقيل : التقدير : ولعلكم تهتدون اهتداء مثل إرسالنا فيكم رسولاً ، ويكون تشبيه الهداية بالإرسال في التحقق والثبوت ، أي اهتداء ثابتاً متحققاً ، كتحقق إرسالنا فيكم رسولاً ، ويكون تشبيه الهداية بالإرسال في التحقق والثبوت ، أي اهتداء ثابتاً متحققاً ، كتحقق إرسالنا وثبوته . وقيل : متعلق بقوله : { وَكَذالِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } ، أي جعلاً مثل ما أرسلنا ، وهو قول أبي مسلم ، وهذا بعيد جدًّا ، لكثرة الفصل المؤذن بالانقطاع . وقيل : الكاف في موضع نصب على الحال من نعمتي ، أي : { وَلاِتِمَّ نِعْمَتِى عَلَيْكُمْ } مشبهة إرسالنا فيكم رسولاً ، أي مشبهة نعمة الإرسال ، فيكون على حذف مضاف . وقيل : الكاف منقطعة من الكلام قبلها ، ومتعلقة بالكلام بعدها ، والتقدير : قال الزمخشري : كما ذكرتكم بإرسال الرسول ، فاذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب . انتهى . فيكون على تقدير مصدر محذوف ، وعلى تقدير مضاف ، أي اذكروني ذكراً مثل ذكرنا لكم بالإرسال ، ثم صار مثل ذكر إرسالنا ، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وهذا كما تقول : كما أتاك فلان فائته بكرمك ، وهذا قول مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل ، وهو اختيار الأخفش والزجاج وابن كيسان والأصم ، والمعنى : أنكم كنتم على حالة لا تقرؤون كتاباً ، ولا تعرفون رسولاً ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ) رجل منكم ، أتاكم بأعجب الآيات الدالة على صدقه فقال : ( كما أوليتكم هذه النعمة وجعلتها لكم دليلاً ، فاذكروني بالشكر ، أذكركم برحمتي ) ، ويؤكده : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنفُسِهِمْ } . ويحتمل على هذا الوجه ، بل يظهر ، وهو إذا علقت بما بعدها أن ، لا تكون الكاف للتشبيه بل للتعليل ، وهو معنى مقول فيها إنها ترد له وحمل على ذلك قوله تعالى : { وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ } ، وقول الشاعر : .
لا تشتم الناس كما لا تشتم .
أي : واذكروه لهدايته إياكم ، ولا تشتم الناس لكونك لا تشتم ، أي امتنع من شتم الناس لامتناع الناس من شتمك . وما : في كما ، مصدرية ، وأبعد من زعم أنها موصولة بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، ورسولاً بدل منه ، والتقدير : كالذي أرسلناه رسولاً ، إذ يبعد تقرير هذا التقدير مع الكلام الذي قبله ، ومع الكلام الذي بعده ، وفيه وقوع ما على آحاد من يعقل . وكذلك جعل ما كافة ، لأنه لا يذهب إلى ذلك إلا حيث لا يمكن أن ينسبك منها مع ما بعدها مصدر ، لولايتها الجمل الإسمية ، نحو قول الشاعر : % ( لعمرك إنني وأبا حميد % .
كما النشوان والرجل الحليم .
) % .
وقول من قال إن : كما أرسلنا ، متعلق بما بعده ، قد ردّه أبو محمد مكي بن أبي طالب ، قال : لأن الأمر إذا كان له جواب ، لم يتعلق به ما قبله لاشتغاله بجوابه ، قال : لو قلت كما أحسنت إليك فأكرمني أكرمك ، لم تتعلق الكاف من كما بأكرمني ، لأن له جواباً ، ولكن تتعلق بشيء آخر ، أو بمضمر ، وكذلك : فاذكروني أذكركم ، هو أمر له جواب ، فلا تتعلق كما به ، ولا يجوز ذلك إلا على التشبيه بالشرط الذي يجاوب بجوابين ، وهو قولك : إذا أتاك فلان فائته ترضه ، فتكون