@ 612 @ لابست زيداً ، ولا يجوز : بزيد مررت به ، فيكون التقدير : مررت بزيد مررت به ، بل كل فعل يتعدى بحرف الجر ، إذا تسلط على ضمير اسم سابق في باب الاشتغال ، فلا يجوز في ذلك الاسم السابق أن يجر بحرف جر ، ويقدر ذلك الفعل ليتعلق به حرف الجر ، بل إذا أردت الاشتغال نصبته ، هكذا جرى كلام العرب . قال تعالى : { وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } . وقال الشاعر : % ( أثعلبة الفوارس أم رباحا % .
عدلت به طهية والخشابا .
) % .
وأما تمثيله : لزيد أبوه ضاربه ، فتركيب غير عربي . فإن قلت : لم لا تتوجه هذه القراءة على أن لكل وجهة في موضع المفعول الثاني لموليها ، والمفعول الأول هو المضاف إليه اسم الفاعل الذي هو مولّ ، وهو الهاء ، وتكون عائدة على أهل القبلات والطوائف ، وأنث على معنى الطوائف ، وقد تقدم ذكرهم ، ويكون التقدير : وكل وجهة الله مولى الطوائف أصحاب القبلات ؟ فالجواب : أنه منع مع هذا التقدير نص النحويين على أن المتعدي إلى واحد هو الذي يجوز أن تدخل اللام على مفعوله ، إذا تقدّم . أما ما يتعدى إلى اثنين ، فلا يجوز أن يدخل على واحد منهما اللام إذا تقدم ، ولا إذا تأخر . وكذلك ما يتعدى إلى ثلاثة . ومول هنا اسم فاعل من فعل يتعدى إلى اثنين ، فلذلك لا يجوز هذا التقدير . وقال ابن عطية ، في توجيه هذه القراءة : أي فاستبقوا الخيرات لكل وجهة ولاّكموها ، ولا تعترضوا فيما أمركم بين هذه وهذه ، أي إنما عليكم الطاعة في الجميع . وقدم قوله : لكل وجهة على الأمر في قوله : فاستبقوا الخيرات ، للاهتمام بالوجهة ، كما تقدم المفعول . انتهى كلام ابن عطية ، وهو توجيه لا بأس به . .
{ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } : هذا أمر بالبدار إلى فعل الخير والعمل الصالح . وناسب هذا أن من جعل الله له شريعة ، أو قبلة ، أو صلاة ، فينبغي الاهتمام بالمسارعة إليها . قال قتادة : الاستباق في أمر الكعبة رغماً لليهود بالمخالفة . وقال ابن زيد : معناه : سارعوا إلى الأعمال الصالحة من التوجه إلى القبلة وغيره . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى : فاستبقوا الفاضلات من الجهات ، وهي الجهات المسامتة للكعبة ، وإن اختلفت . وذكرنا أن استبق بمعنى : تسابق ، فهو يدل على الاشتراك . { إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ } ، أي نتسابق ، كما تقول . تضاربوا . واستبق لا يتعدى ، لأن تسابق لا يتعدى ، وذلك أن الفعل المتعدي ، إذا بنيت من لفظ ، معناه : تفاعل للاشتراك ، صار لازماً ، تقول : ضربت زيداً ، ثم تقول : تضاربنا ، فلذلك قيل : إن إلى هنا محذوفة ، التقدير : فاستبقوا إلى الخيرات . قال الراعي : % ( ثنائي عليكم آل حرب ومن يمل % .
سواكم فإني مهتد غير مائل .
) % .
يريد ومن يمل سواكم { أَيْنَمَا تَكُونُواْ * يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا } : هذه جملة تتضمن وعظاً وتحذيراً وإظهاراً لقدرته ، ومعنى : { يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا } : أي يبعثكم ويحشركم للثواب والعقاب ، فأنتم لا تعجزونه ، وافقتم أم خالفتم ، ولذلك قال ابن عباس : يعني يوم القيامة . وقيل : المعنى : أينما تكونوا من الجهات المختلفة يأت بكم الله جميعاً ، أي يجمعكم ويجعل صلاتكم كلها إلى جهة واحدة ، وكأنكم تصلون حاضري المسجد الحرام ، قاله