@ 599 @ للعادة ، لأن من ألف شيئاً ، ثم انتقل عنه ، صعب عليه الانتقال ، أو أن ذلك محتاج إلى معرفة النسخ وجوازه ووقوعه . وإن هنا هي المخففة من الثقيلة ، دخلت على الجملة الناسخة . واللام هي لام الفرق بين إن النافية والمخففة من الثقيلة ، وهل هي لام الابتداء ألزمت للفرق ، أم هي لام اجتلبت للفرق ؟ في ذلك خلاف ، هذا مذهب البصريين والكسائي والفراء وقطرب في إن التي يقول البصريون إنها مخففة من الثقيلة ، خلاف مذكور في النحو . وقراءة الجمهور : لكبيرة بالنصب ، على أن تكون خبر كانت . وقرأ اليزيدي : لكبيرة بالرفع ، وخرج ذلك الزمخشري على زيادة كانت ، التقدير : وإن هي لكبيرة ، وهذا ضعيف ، لأن كان الزائدة لا عمل لها ، وهنا قد اتصل بها الضمير فعملت فيه ، ولذلك استكن فيها . وقد خالف أبو سعيد ، فزعم أنها إذا زيدت عملت في الضمير العائد على المصدر المفهوم منها ، أي كان هو ، أي الكون . وقد ردّ ذلك في علم النحو . وكذلك أيضاً نوزع من زعم أن كان زئادة في قوله : .
وجيران لنا كانوا كرام .
لاتصال الضمير به وعمل الفعل فيه ، والذي ينبغي أن تحمل القراءة عليه أن تكون لكبيرة خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : لهي كبيرة . ويكون لام الفرق دخلت على جملة في التقدير ، تلك الجملة خبر لكانت ، وهذا التوجيه ضعيف أيضاً ، وهو توجيه شذوذ . { إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } ، هذا استثناء من المستثنى منه المحذوف ، إذ التقدير : وإن كانت لكبيرة على الناس إلا على الذين هدى الله ، ولا يقال في هذا إنه استثناء مفرغ ، لأنه لم يسبقه نفي أو شبهة ، إنما سبقه إيجاب . ومعنى هدى الله : أي هداهم لاتباع الرسول ، أو عصمهم واهتدوا بهدايته ، أو خلق لهم الهدى الذي هو الإيمان في قلوبهم ، أو وفقهم إلى الحق وثبتهم على الإيمان . وهذه أقوال متقاربة ، وفيه إسناد الهداية إلى الله ، أي أن عدم صعوبة ذلك إنما هو بتوفيق من الله ، لا من ذوات أنفسهم ، فهو الذي وفقهم لهدايته . .
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } : قيل : سبب نزول هذا أن جماعة ماتوا قبل تحويل القبلة ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) عنهم ، فنزلت . وقيل : السائل أسعد بن زرارة ، والبراء بن معرور مع جماعة ، وهذا مشكل ، لأنه قد روي أن أسعد بن زرارة والبراء بن معرور ماتا قبل تحويل القبلة . وقد فسر الإيمان بالصلاة إلى بيت المقدس ، وكذلك ذكره البخاري والترمذي ، وقال ذلك ابن عباس والبراء بن عازب وقتادة والسدي